مقال هزلي لموقع في سبتة المحتلة يتحدث عن إنقاذ الدرك الملكي ل 65 مهاجرا سريا من الإسبان قصدوا المغرب هربا من الأزمة
هل أصبح المغرب وجهة رئيسية للمهاجرين الإسبان؟ تساؤل يطرح نفسه في ظل انتشار مقالات وربورتاجات صحفية تتحدث عن ظاهرة الهجرة من شمال مضيق جبل طارق الى جنوبه، وتسرد حكايات اسبان انتقلوا الى مدن مثل طنجة وتطوان والدار البيضاء والرباط ومراكش بحثا عن آفاق عيش جديدة في جارهم الجنوبي، بعدما بلغت البطالة 26% في هذا البلد الأوروبي. فهل أصبح فعلا المغرب الفردوس الجديد للهجرة، يقصده الإسبان في حين لا يغري مواطنيه بالعودة الى بلدهم هربا من الأزمة؟
الأزمة وهجرة المحليين في إسبانيا
دفعت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بإسبانيا، وشبح العطالة الذي بلغ معدلا مرعبا 26% إلى تنشيط حركة هجرة المواطنين الإسبان نحو الخارج للبحث عن فرص اقتصادية. وتكشف معطيات المعهد الوطني للإحصاء أن عدد الإسبان الذين توجهوا خلال العام 2012 نحو الخارج قد بلغ 114 ألف اسباني بزيادة تناهز قرابة 7% عن السنة التي سبقتها، ليصل عدد المهاجرين الإسبان في الخارج حوالي مليون و 900 ألف.
وتشكل الأرجنيتن وفرنسا فنزويلا والمانيا والبرازيل والمكسيك والولايات المتحدة الامريكية، الوجهات الأجنبية الأساسية التي يقيم بها العدد الأكبر من المهاجرين الإسبان ويقصدونها. وتصدرت الأرجنتين ثم البرازيل البلدان الأجنبية التي ارتفعت فيها خلال العام 2012 نسبة المهاجرين الإسبان إليها.
وأشارت وسائل الإعلام الإسبانية إلى أن عددا كبيرا من المهاجرين الإسبان الذين غادراو بلادهم إلى دول أجنبية هم إسبان من أصول أجنبية، وخصوصا من أمريكا اللاتينية، أي هم مواطنو تلك البلدان الذين تجنسوا خلال إقامتهم بالجنسية الإسبانية، ودفعتهم الأزمة إلى العودة إلى بلدانهم لاسيما وأن منطقة أمريكا اللاتينية تشهد نمو اقتصاديا قويا. وفي الوقت ذاته، حتى الذين هاجروا إلى بلدان أخرى مثل فرنسا وبلجيكا فإن بينهم إسبانا من أصول أجنبية وضمنهم المغاربة الحاملين للجنسية الإسبانية.
وفي التقرير الذي أعده المعهد الوطني للإحصاء لايظهر المغرب في قائمة الدول الأربعة والعشرين الأولى التي هاجر إليها الإسبان رغم القرب الجغرافي بين البلدين. وهذه الأرقام والإحصائيات تناقض المعالجات الإعلامية التي تحدثت عن ظاهرة ” تحول المغرب إلى فردوس للمهاجرين الإسبان”.
ورغم أنه لا يمكن نفي وجود عشرات الإسبان، قد لا يتجاوزن 300 في المجموع، او يزيد قليلا، قصدوا المغرب بحثا عن العمل، فمن خلال تفيده بعض الربورتاجات يظهر أن الذين هاجروا أساسا هم المقاولون الذين يرغبون في الاستثمار ، ويأتون ببعض أفراد عائلاتهم للعمل في هذه المشاريع. وهناك حالة صحفي اسباني مقيم في الرباط فضل بعد انتهاء عقده أن يبقى في المغرب و قرر فتح مطعم، فهل هو مستثمر أم عامل؟
المهاجرون المغاربة بإسبانيا لا يعبثون “بالفردوس” المغربي
بينما تحدثت وسائل إعلام وطنية و دولية أيضا عن تحول المغرب إلى مقصد لمهاجرين إسبان بحثا عن العمل، وتصوره على أنه “فردوس للإسبان” الحالمين بمخرج لضيقهم الاقتصادي والمالي، يظهر ان المغاربة المقيمين في إسبانيا لا يعبثون بهذا الحلم على الإطلاق. فعلى الرغم من كونهم الفئة الاجتماعية التي تضررت بنسبة اكبر بتداعيات الأزمة الاقتصادية ، ونخرتها العطالة بشكل حاد، وتضررت منها اقتصاديا واجتماعيا. ولم يتم حتى الآن تسجيل قوافل عودة شاملة لمغاربة إسبانيا إلى وطنهم بحثا عن مخرج لضيقهم الاقتصادي في “هذا الفردوس”، على الرغم من انهم جلهم يتمنون لو أنه كانت حقا ثمة ظروف اقتصادية واجتماعية جيدة للعودة والاستقرار في بلدانهم وبين ذويهم.
وكانت إسبانيا مع بدء الأزمة الاقتصادية ، قد أعدت مشروع مبادرة يشجع المهاجرين العاطلين على العودة إلى بلدانهم مقابل ستة آلاف يورو وشريطة التخلي عن بطاقة الإقامة والالتزام بعدم العودة الى اسبانيا لمدة خمس سنوات. وقد قبل بهذه المبادرة بعض من المهاجرين من بلدان أمريكا اللاتينية ولكنه لقيت فشلا ذريعا في صفوف المهاجرين المغاربة حيث رفضها جلهم رفضا باتا.
الإعلام والهجرة وصناعة الفقاعات
اهتم الإعلام المغربي ومن خلاله الإعلام الدولي أيضا عبر مراسليهم في المغرب، إلى الحديث عن وجهات جديدة لظاهرة الهجرة سببتها الأزمة الاقتصادية في بلدان جنوب أوروبا ومن بينها إسبانيا. وبدأت تتحدث عن “هجرة معاكسة” من إسبانيا إلى المغرب، وعن تحول الجار الجنوبي “إلى فردوس” يعد بالخلاص” على مستوى العمل للمهاجرين الإسبان العاطلين. ولم تخل هذه المعالجات من طابع الإثارة شبيه بالإثارة نفسها التي تعامل بها الإعلام الاوروبي والإسباني مع ظاهرة الهجرة المغربية أو الإفريقية إلى البلدان الاوربية، وفرخت بموجب تلك الإثارة أفكار جاهزة ونمطية عن المهاجرين وعن الظاهرة تجانب الحقيقة والواقع. ورددت الصحافة المغربية على غرار نظيرتها الاوروبية والإسبانية عبارت تقليدية مثل ” الاجتياح” … وغيرها..
ومع التعاطي مع ” هجرة إسبان للبحث عن العمل في المغرب” بمستوى الظاهرة، يتم تجاهل جملة من المعطيات أبرزها ، أن اهتمام الإسبان بالمغرب كمكان لفرص الاستثمار هو قائم دائما، وان هناك رجال أعمال إسبان يقيمون في المغرب ويستثمرون منذ سنوات، وقبل الازمة بكثير، وإن كان إبان هذه الازمة قد تنامى قدوم رجال أعمال من الحجم الصغير يهتمون بالفرص التي يوفرها المغرب. لكنه لم يتحول إلى سوق قادر على استقطاب مهاجرين إسبان من مستوى عمال عاديين يعملون في قطاعات مغربية. ومعظم الإسبان من هؤلاء العمال الذين توجهوا للعمل في المغرب، إنما انتقلوا اولا للعمل مع شركات إسبانية قائمة في المغرب، ثم انتقلوا ثانيا بموجب عقد حصلوا عليه في إسبانيا وليس لأنهم هاجروا إلى المغرب وبحثوا فيه عن عمل ثم حصلوا عليه خلال ذلك.
لقد نقل برنامج تلفزيوني إسباني يحظى بنسبة مشاهدة واسعة تصريحات لعدد من الإسبان(بين 4 إلى 5 أشخاص فقط) انتقلوا للعمل في المغرب، مروا بفترة عطالة، وقد تحدثوا عن واقع جيد بخصوص ظروف عملهم بالمغرب. لكن تبين ان جلهم يعملون مع شركات إسبانية في المغرب وانهم حصلوا على عقد عمل هناك انطلاقا من إسبانيا.