انتهى اللقاء الأول لسفراء المغرب في الخارج بمجموعة من التوصيات اعتمدت الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس الى المشاركين في هذا اللقاء الذي جرى ما بين الجمعة الماضية وأمس الأحد في الرباط. لكن اللقاء لم يقدم الأجوبة الكبرى حول التحديات التي تواجهها الدبلوماسية المغربية في علاقاتها بمحيطها والتطورات الدولية والتواصل مع الآخر وتراجع جودة العلاقات المغربية مع دول وتجمعات كبرى.
واكتفت وزارة الخارجية بنشر مقال يشبه تقييما في موقعها في شبكة الإنترنت كررت فيه ملخص الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس الى المشاركين وحدد فيها بعض الخطوط الرئيسية للعمل الدبلوماسي مستقبلا. وأكد وزير الخارجية سعد الدين العثماني أن أجندة العمل هي “الدفاع عن المصالح العليا للمغرب والتعريف بالنموذج المغربي الذي يتميز بالإستقرار والإصلاحات الجريئة”.
لكن العروض والتوصيات في هذا اللقاء الهام والذي يجري لأول مرة بقيت دون مستوى التحديات التي يواجهها المغرب في الخارج وتتجلى في:
-غياب مخاطب رئيسي في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية بعد ذهاب هيلاري كلينتون، حيث تعرضت العلاقات لبرودة واضحة أبرز عناوينها مقترح واشنطن بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف، وتفادي واشنطن الحديث عن الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء. ونجاح البوليساريو في تأسيس لجنة دعم لأطروحته وسط الكونغرس الأمريكي.
-غياب رؤية للتعاطي والتعامل مع موقف الدول الإسكندنافية وشمال أوروبا، حيث تهدد إيرلندا الشمالية بالاعتراف بجبهة البوليساريو واعتراف البرلمان السويدي بالبوليساريو كدولة، وقرار بعض الدول مقاطعة منتوجات الصحراء مثل السويد والدنمرك.
-تراجع جودة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي التي من عناوينها البارزة كذلك الصعوبات التي يلاقيها المغرب في تجديد اتفاقيات اقتصادية مثل الصيد البحري والمبادلات التجارية وتبني الأوروبيين موقفا لصالح استفتاء تقرير المصير.
-الهشاشة التي أصبحت عليها دبلوماسية المغرب في تفادي الحديث عن ملفات استراتيجية مثل ملف سبتة ومليلية المحتلتين، حيث يتجنب النظام والحكومة الحديث عنه خوفا من إغضاب حكومة مدريد رغم طرح الأخيرة لملف جبل طارق لتصفية الاستعمار فيه وكذلك إصرار الأرجنتين على تصفية الاستعمار في جزر المالوين التي تحتلها بريطانيا.
-غياب الشجاعة للحديث عن تراجع مكانة المغرب في أمريكا اللاتينية وتقدم واضح للبوليساريو مستفيدا من وصول قوى اليسار الى السلطة.
وتتعدد الملفات التي لم يتطرق لها المشاركون بشجاعة، وعلق أحد المشاركين لألف بوست “الرسالة الملكية كانت هامة لأنها رسمت التوجهات التي يجب أن تنهجها الدبلوماسية، ولكنها في الوقت نفسه تفادت الحديث عن السلبيات وفشل تواصل المغرب في ملفات حساسة مع الرأي العام الدولي. ومضمون الرسالة جعل المشاركين يتبنون اللغة نفسها مبتعدين عن كل ما هو سلبي”.
ويبقى غياب الشجاعة في معالجة الملفات الدبلوماسية عامل يساهم في صعوبة تسطير أجندة العمل والتواصل مع الآخرين وأساسا في ملف الصحراء، لاسيما وأن المغرب لا يتوفر على تقليد مراكز التفكير الاستراتيجي التي تساهم في بلورة الرؤى والاستراتيجيات التي يجب اعتمادها.