استهلت منظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم) أنشطتها لسنة 2014 بتنظيم ندوة بالرباط يوم الأربعاء 15 يناير حول موضوع “التأطير القانوني لحرية الانترنيت والاتصال الرقمي”.
وقد افتتح الندوة رئيس المنظمة الصحافي محمد العوني بالحديث عن الظرفية الإعلامية بالمغرب التي تعرف جهودا للسلطة للتقييد من حرية التعبير و حرية الإعلاميين واستمرار وجود المغرب في ذيل الترتيبات العالمية لحرية التعبير في ظل تحولات عميقة ونوعية يشهدها الحقل الإعلامي الدولي. كما أكد العوني على خطورة مشروع المدونة الرقمية التي طرحتها الحكومة مؤخرا ثم عمدت إلى سحبها بطريقة التفافية بعد ردود الأفعال التي عبر عنها المجتمع المدني وكلها رافضة لهذه المدونة، حيث شدد على مطالبة المنظمة بالسحب النهائي للمدونة وفتح نقاش حقيقي مع المهنيين وجميع الفاعلين لأجل تدارك التأخر الكبير الذي يعرفه المغرب وتأسيس بيئة قانونية سليمة.
بعد التقديم، قام بالعرض الأول المهندس أحمد ابن الصديق وخصصه لتقديم لمحة موجزة عن تقرير اليونسكو الأخير عن “حرية التعبيرـ حرية الاتصال، تغيير البيئة القانونية والتنظيمية الداعمة للأنترنيت”، الهادف إلى توفير أداة مرجعية تثري النقاش حول الاتجاهات العالمية التي شكلت حرية التعبير على شبكة الإنترنت، حيث يستطلع التقرير مختلف الآليات القانونية وسياسة العمل الضرورية للتدفق الحر للمعلومات وإرشاد صناع السياسات وغيرهم من المستخدمين إلى إنشاء بيئات مساعدة لحرية التعبير، مبرزا ضرورة الموازنة بين مجموعة متنوعة من القيم والمصالح المتعارضة في بيئة عالمية معقدة من الخيارات. و ختم مداخلته مذكرا بأن تطور تكنولوجيات التواصل والإعلام يلعب اليوم دورا جوهريا في التحولات الحضارية الإنسانية يشبه دور المطبعة خلال بداية عصر النهضة الأوروبية.
العرض الثاني قدمه الباحث عبد الغني عارف، ممثلا “مركز أجيال 21 للمواطنة والديمقراطية” حيث تناول موضوع “حرية الأنترنيت بين الحق في الخصوصية وحرية التعبير ” فشرح تجليات الحق في الخصوصية المرتبط بالاستعمالات المتعددة للأنترنيت وبَسط التهديدات التي تواجه هذا الحق سواء من طرف السلطات وأصحاب القرار كالتجسس ورصد المكالمات والتدوينات والتعاليق، أو من طرف الأجهزة التي تمتلكها الشركات التجارية الكبرى والتي بإمكانها رصد تصرفات الفرد وأذواقه وميولاته وتأسيس قاعدة بيانات ضخمة تمكنها من تحليل نماذج التصرف والاستهلاك واستغلال المعلومات لأجل التحكم والتأثير في التصرفات والخيارات.
أما العرض الثالث والأخير فقد فدمه الباحث التربوي والناشط السياسي على بن الدين، وهو عضو المكتب التنفيذي لمنظمة “حاتم” فقام بقراءة في مشروع المدونة الرقمية مبرزا طبيعتها التحكمية و القاتلة لحرية التعبير liberticide كما أعطى نماذج من تناقضات هذا النص مع نصوص قانونية أخرى كقانون الصحافة. وأبرز المحاضر بعض مكامن الغموض المتعمد وكذلك التدليس في صياغة النص، مؤكدا على خطورة تأويله بطريقة فضفاضة من شأنها أن تنمح صلاحيات واسعة جدا للسلطات الإدارية والأمنية لكي تقوم بالإجهاز على حريات التعبير و خنقها تحت غطاء قانوني.
وقد خلصت الندوة إلى ضرورة اليقظة التامة من طرف الفاعلين الإعلاميين لمواجهة هذا المشروع الذي لم تتراجع عنه الحكومة بصفة رسمية بل عمدت فقط إلى إخفائه من الموقع الرقمي للأمانة العامة للحكومة.