أصدر الملك محمد السادس عفوا على عدد من معتقلي الحراك الشعبي في الريف، وجاء القرار بعد ثلاث جلسات أجراها وفد من المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع المفرج عنهم طيلة شهور. وكان من المنتظر استمرار المباحثات لكنها توقفت بشكل مريب.
وجرى الافراج عن 14 من معتقلي الحراك الشعبي خلال عيد العرش الأخير، وكان قرارا من طرف الدولة المغربية بعدما رفض المعتقلون التوقيع على طلب العفو، مؤكدين أنهم لم يرتكبوا أي جريمة لكي يعاقبوا عليها ويطلبون العفو، ولكنهم في المقابل، أبانوا عن مواقف غير راديكالية بل تتماشى وسلمية الحراك.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها ألف بوست، لقد بدأ المجلس الوطني لحقوق الإنسان قبل جائحة كورونا فيروس مباحثات مع بعض المعتقلين في سجن طنجة دون المعتقلين في سجون أخرى. ثم تطور الى إشراك أسماء معروفة مثل الحنودي والمجاوي، ودائما في سجن طنجة. وطلب الوفد التابع للمجلس وكان مكونا من ثلاثة أعضاء من المعتقلين ضرورة توضيح المعتقلين مواقهم من ثلاث قضايا وهي: أولا نوعية العمل السياسي، ثانيا الوحدة الترابية للبلاد وثالثا وأخيرا الموقف من المؤسسات الرسمية، في إشارة الى المؤسسة الملكية.
وجرى توضيح كل المعطيات في ملف مكون من ست صفحات ولاحقا طلب المجلس تلخيصه في صفحة ونصف، وتضمن أشياء دقيقة وهي: الحراك الشعبي لم يعادي نهائيا الوحدة الترابية ولكنه يشدد على الخصوصية التاريخية والثقافية لمنطقة الريف. في الوقت ذاته، الحراك الشعبي كان دائما سلميا ولم ينهج العنف نهائيا بشهادة الرأي العام الوطني والدولي، وأخيرا، لم يصدر عن الحراك الشعبي في الريف أي قرار مناهض لأي مؤسسة في البلاد وأن نقد عمل المؤسسات لا يعني رفضها.
ووقع معتقلو الريف على الورقة السياسية التي جرى إعدادها باستثناء محمد جلول الذي رفض بحكم أنه لم تتم استشارته في البدء بل فقط في المرحلة الأخيرة، كما رفض ربيع الأبلق التوقيع عليها شأنه شأنه شأن اعمروشا. وجرى الإفراج عن جميع معتقلي الحراك في طنجة باستثناء محمد جلول وقد يكون هذا عقابا له، كما شمل الإفراج معتقلين في سجون الحسيمة وجرسيف وسلوان وجرى استثناء معتقلين آخرين وعلى رأسهم ناصر الزفزافي.
لقد كان الاتفاق هو ضرورة استمرار المباحثات مع باقي المعتقلين للتمهيد للإفراج عن الباقي، لكن ما حدث هو سياسة التشدد غير المفهومة التي تعرض لها لاحقا كل من ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق والباقي ودفعتهم الى الإضراب عن الطعام.
وهذه التطورات قد تعني وجود تيار وسط الدولة وراء إفساد مبادرات الانفراج في مختلف ملفات الاعتقال السياسي والاجتماعي في البلاد، ولعل من عناوين ذلك هو عندما جرى إلباس الحراك الشعبي في الريف طابع الانفصال رغم مطالبه الاجتماعية الواضحة ضد سوء التسيير والفساد والمطالبة ببديل اقتصادي يلبي حاجيات الجميع.