شكرت الحكومة الإسبانية نظيرتها المغربية على بناء السياج حول مدينة مليلية، ويجري هذا في وقت تتجه الدولة المغربية الى الصمت المطلق سياسيا وإعلاميا في هذا الملف الذي يحرجها أمام الرأي العام بسبب الرمزية التاريخية السلبية لبناء سور في منطقة تحت الاحتلال.
ونقلت جريدة آ بي سي في موقعها الرقمي تصريحات وزير الخارجية الإسباني مانويل مارغايو التي كشف فيها تقديم الشكر الى الحكومة المغربية على التزامها بتشييد السياج الذي يحيط بمدينة مليلية في الآجال المحددة. وجاءت هذه التصريحات بمناسبة زيارة ملك اسبانيا فيلبي السادس الى المغرب يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الجاري.
وتتفادى الدولة المغربية الحديث عن بناء السياج، حيث لا تقدم بيانات ولا تصريحات، علما أنها عادة ما تسارع الى الكشف عن الإجراءات التي تتخذها في مجال مكافحة الهجرة غير القانونية.
ويعود صمت الدولة المغربية الى حساسية رمزية بناء سياج في حدود فاصلة بين مليلية وباقي الأراضي المغربية، وهي مدينة يطالب المغرب بتصفية الاستعمار منها رفقة مدينة سبتة وبعض الجزر.
وإذا كان القرار المغربي ببناء السياج جاء بتمويل وضغط أوروبي وأساسا اسباني، فالدولة المغربية غير واعية بالرمزية التاريخية للقرار، حيث هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها سلطات مغربية على ترسيم حدود بطريقة غير مباشرة.
ويتزامن بناء السياج والتزام الدولة المغربية ملكا وحكومة الصمت المطلق في ملف سبتة ومليلية، علما أن الملك محمد السادس كان قد تعهد في بيان له خلال نوفمبر 2007 بنهج استراتيجية جريئة لاستعادة المدينتين، وحدث ذلك عندما زار ملك اسبانيا السابق خوان كارلوس المدينتين.
ولكن ما حدث لاحقا، هو قيام الملك والحكومات اللاحقة بالتعامل بشكل محتشم مع الملف، حيث لم يعد لا الملك ولا رئيس الحكومة أو وزير الخارجية يتلفظ بملكة سبتة ومليلية. وكانت آخر مرة جاء فيها إشارة ملكية الى ملف سبتة ومليلية يوم 30 غشت الماضي في رسالة وجهها الملك الى السفراء المغاربة مسطرا استراتيجية الدبلوماسية المغربية بقوله، وفق الرسالة، “التعبئة المستمرة من أجل الدفاع عن وحدة المغرب الترابية شمالا وجنوبا، والاستثمار الأمثل للتطورات الايجابية التي شهدتها قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد أخذ بلادنا لزمام المبادرة، وتعاطيها بشكل أكثر فعالية مع هذه القضية المصيرية، بفضل مبادرتنا المقدامة لمنح حكم ذاتي لأقاليمنا الجنوبية، وهي المبادرة التي حظيت بدعم دولي متواصل ومتنام”. وكانت هذه هي الإشارة الملكية الوحيدة طيلة سنتين الى ملف سبتة ومليلية وبشكل غير مباشرة.
وتروج أوساط دبلوماسية مغربية أن الصمت حول سبتة ومليلية هو مؤقت بهدف جلب دعم اسبانيا في ملف الصحراء. وتاريخيا، وهو ما يعني مقايضة ملف بآخر ولو مؤقتا.