لم تتضح بعد أسباب سقوط طائرة الركاب الجزائرية في شمال مالي، لكن شركة الخطوط الجوية الفرنسية قد قررت استثناء مالي من رحلاتها ومنع طائراتها من التحليق فوق الأجواء المالية،حتى الكشف عن أسباب تحطم الطائرة الجزائرية الخميس الماضي ومتقل 118 من ركابها وطاقمها.
ونقلت وكالة رويترز، عن مصدر مسؤول أن الشركة الفرنسية أمرت طياريها بتفادي العبور في رحلاتهم على منطقة شمال مالي، حتى توفر معلومات واضحة عن أسباب تحطم الطائرة الجزائرية.
وهذا الإجراء أو القرار لا يمكن اعتباره عاديا إذا لم توجد شكوك ولو ضعيفة للغاية، بل يعكس يعكس عدم استبعاد مسؤولي الخطوط الفرنسية الاعتداء الإرهابي في سقوط طائرة ”سويفت إير” المستأجرة من قبل الخطوط الجوية الجزائرية م شركة اسبانية، على خلفية أن المنطقة التي وقع فيها سقوط الطائرة تنشط بها جماعات إرهابية سواء التابعة لفرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو حركتا التوحيد والجهاد أو جماعة المرابطون التي يتزعمها مختار بلمختار. وحتى وإن لم يصدر أي بيان عن هذه التنظيمات الإرهابية يتبني عملية إسقاط الطائرة المدنية، غير أن ذلك لم يمنع شركات النقل الدولية من اعتماد الحذر، حتى وإن كانت كل تصريحات المسؤولين والخبراء قد استبعدت الاعتداء الإرهابي ورجحت فرضية سوء الأحوال الجوية.
غير أن صدور مثل هذا القرار في المقام الأول من شركة الخطوط الفرنسية حيث يتواجد آلاف الجنود الفرنسيين بعدتهم وعتادهم الحربي في شمال مالي، في سياق عملية سرفال ضد الجماعات الإرهابية، يعد مؤشرا على أن الحكومة الفرنسية قد لا تستبعد فرضية العمل الإرهابي من حساباتها، بالنظر لما تملكه من معطيات حول القدرات العسكرية للجماعات الإرهابية النشطة بالمنطقة. وتكون هذه المخاوف التي دفعت بعض شركات الطيران الدولية لتغيير مسار سير رحلاتها الدولية ولو مؤقتا، قد ازدادت بعد حادثة إسقاط الطائرة الماليزية فوق سماء أوكرانيا بواسطة صاروخ لم يعرف لحد الآن مصدر انطلاقه.
واعتبرت الشركة أن غياب مالي عن وجهة طائرات الخطوط الجوية الفرنسية سيكون ”مؤقتاً”، مشيرة إلى أن طائراتها ستتجنب التحليق في أجواء المنطقة. وقال المدير العام للشركة الفرنسية في تصريح لقناة (أوروبا 1)، إن ”هذا القرار سيطبق حتى إشعار جديد، وذلك في انتظار الحصول على معلومات أكثر بشأن الحادث التراجيدي”، في إشارة إلى سقوط رحلة واغادوغو الجزائر العاصمة. وفي نفس السياق، أصدرت وكالة الطيران الأمريكية، الأسبوع الماضي، تقريراً حذرت فيه شركات الطيران الأمريكية من التحليق في أجواء بعض المناطق التي اعتبرتها ”مناطق توتر أمني”، وكان من ضمن قائمة هذه الدول مالي، بالإضافة إلى ليبيا وسيناء بمصر وكينيا والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما شمل التقرير الأمريكي بعض الدول خارج القارة الإفريقية وهي سوريا والعراق واليمن وأوكرانيا وكوريا الشمالية.
واستنادا إلى ما جاء في التقرير الأمريكي فإن ”الوضع الأمني في شمال مالي ما يزال صعباً، على الرغم من انحسار الأنشطة العسكرية للجماعات المسلحة إثر التدخل الفرنسي العام الماضي”، ولكن التقرير أشار إلى أن ”هنالك خطراً على الأمريكيين وممتلكاتهم في حال عبرت طائراتهم تلك المناطق، إثر استمرار المعارك بين القوات الفرنسية والمالية من جهة، وبين الجماعات الإرهابية من جهة أخرى”، وفق نص التقرير.
وإذا كان كاتب الدولة الفرنسي للنقل فريدريك كوفيليي، قد استبعد سقوط الطائرة بواسطة صاروخ، فإن وكالة فرانس بريس قد نقلت عن خبراء في حوادث الطيران الدولي بأن كل الفرضيات تبقى قائمة طالما لم يتم معاينة وتحليل بقايا حطام الطائرة وتحليل معطيات العلب السوداء.
وإن تأكد الفعل الإرهابي بعد تحليل العلبة السوداء للرحلة رقم 5017، فإنه يعتبر سابقة، وهو فعل من شأنه إحداث ثورة في قطاع النقل الجوي ليس فقط في تغيير المسارات والممرات الجوية، ولكن في ارتفاع تكاليف التأمينات للطائرات وكساد بعض الرحلات والاتجاهات