أبلغت الغرفة الثالثة للمحكمة الوطنية في مدريد الحكومة المغربية في قرارين، الأول صادر عن النيابة العامة والثاني عن قاضي التحقيق في الغرفة الثالثة رفض الاستئناف الذي تقدمت به ممثلة في عبد الإله ابن كيران ضد الصحفي إغناسيو سمبريرو بسبب نشر شريط لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يهدد مصالح المغرب. ويعتبر موقف الغرفة الثالثة وكذلك النيابة العامة ممهدا لرفض مجمع قضاة الغرفة الجنائية العامة لهذه المحكمة التذي سيبث قريبا في الملف.
ورفعت الدولة المغربية دعوى ضد الصحفي المذكور وجريدة الباييس بسبب نشر شريط الفيديو المتضمن لتهديدات لمصالح المغرب يوم 13 سبتمبر 2013، وجاء قرار الرفض أربع مرات على التوالي، المرة الأولى من طرف النيابة العامة للدولة الإسبانية التي قامت بحفظ الدعوى، ولاحقا مرتين من طرف القاضي خافيير بيرموديث .
وحدث أن انتقل القاضي بيرموديث الى باريس لتولي منصب قاضي الاتصال، وعوضه قاض آخر وهو خوان بابلو غونثالث غونثالث، حيث تقدم ابن كيران باستئناف رابع ضد الصحفي سمبريرو يوم 13 مايو الماضي دون جريدة الباييس. واستأنف هذه المرة في الغرفة نفسها أمام القاضي الجديد تحت ما يسمى “استئناف ضد الشكل” أي مطالبة القاضي بإعادة النظر في القرار الصادر عن غرفته. وقام القاضي الجديد يوم الخميس من الأسبوع الجاري بالبث في الاستئناف. وقرر القاضي الجديد رفض الاستئناف وعلل القرار بشكل أفضل وأوسع من سابقه.
واعتمد القاضي الجديد على قرار صادر عن المحكمة الدستورية يوم 17 يوليوز 1986 في ملف 104 في حادث مشابه، يعتبر ما نشره الصحفي وجريدة الباييس عملا يدخل في إطار ما هو إعلامي وليس تبني موقف أو الانحياز إليه. ويضيف الحكم أن “الحق في التوصل بالمعلومات بحرية هو ضمان لمصلحة دستورية: تكوين ووجود الرأي العام الحر….المطلوب في تسيير نظام ديمقراطي”. ويعزز القاضي تعليله القانوني بأحكام صادرة عن المحكمة العليا علاوة على المحكمة الدستورية.
وبعد عرض مطول لأحكام وقرارات صادرة عن المحكمة الدستورية والعليا وكذلك المحكمة الأوروبية، يستعرض الحكم مقال جريدة الباييس في مدونة الصحفي، ويؤكد بعد تحليل مضمونه أن المقال يؤكد على وصف القاعدة بالتنظيم الإرهابي ويكتب عنه من باب الإعلام فقط ولا يقوم الصحفي والجريدة نهائيا بالترويج والإشادة بالإرهاب.
وبهذا، يكون هذا هو الحكم الثالث لقاض تحقيق ومعزز بموقف النيابة العامة في الدعوى التي تقدم بها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ضد جريدة الباييس والصحفي سمبريرو. علما أن ابن كيران استبعد الباييس هذه المرة.
ومن جان آخر، أصدرت النيابة العامة بدورها قرارا يرفض استئناف الدولة المغربية ضد الصحفي سيمبريرو، والقرار هو سابق لقرار قاضي التحقيق، وموع يوم 27 من طرف النائب العام خوسي بيرالس كاييخا، الذي يعتبر من صقور المحكمة الوطنية في مدريد.
وأمام هذا الرفض المزدوج بين النيابة العامة وقاضي التحقيق، ستنظر الغرفة العامة لقضاة تخصص جنائي في المحكمة الوطنية في دعوى ابن كيران خلال أكتوبر المقبل، وسيكون آخر قرار لا يقبل نهائيا الاستئناف. وعمليا، لم يسبق لأي غرفة لقضاة أن اقدمت على رفض قرارات قضاة التحقيق المعززة بتأييد النيابة العامة.
ونصح عدد من الخبراء في القانون الإسباني الدولة المغربية بعدم اللجوء الى القضاء ضد جريدة الباييس والصحفي سمبريرو لأن الوقائع التي اعتمدتها لا تشكل جريمة نهائيا بحكم أن قضاء الدول الغربية قد حسم في مثل هذه الحالات منذ مدة طويلة بعدما واجه حالات مثل أشرطة منظمات إرهابية كإيتا الباسكية والإيرا الإيرلندية وفراك الكولومبية.
ويضع قرار القاضي الجديد القضاء المغربي في موقف حرج في حالة علي أنوزلا، مدير الجريدة الرقمية المحظورة “لكم” الذي جرى اعتقاله بسبب نشره فقط رابط الشرط وليس الشريط كما فعلت جريدة الباييس.