في تصريح مفاجئ بكل المقاييس، أعلن وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار اليوم الاثنين لوكالة المغرب العربي للأنباء “لاماب” زيارة باريس خلال الأسبوع الجاري وبحث القضايا العالقة والتعاون الثنائي مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس. وتأتي الزيارة في وقت كان الأخير هو الذي سيزور المغرب لتجاوز الخلافات الثنائية، وهو ما يطرح تساؤلات قوية حول القرار المغربي الذي قد يفسر بتقديم تنازلات.
وتمر العلاقات بين المغرب وفرنسا بتوتر بارز للغاية منذ فبراير الماضي بسبب قرار القضاء الفرنسي ملاحقة مسؤولين مغاربة بتهمة فرضية التورط في ملفات تعذيب لمغاربة وصحراويين علاوة على تصريحات سلبية نسبت الى سفير فرنسا في الأمم المتحدة حول الصحراء اعتبر فيها المغرب بمثابة “العشيقة” التي يجب الدفاع عنها.
وسجلت العلاقات الثنائية جمودا حقيقيا تجلى في إيقاف تبادل الزيارات لوزراء الحكومتين، وعدم برمجة رئيس حكومة فرنسا مانويل فالس زيارة الى المغرب بعد توليه المنصب، وتعهد المغرب بعدم ستئناف الزيارات حتى يتم حل ملف المسؤولين المغاربة الملاحقين في ملفات حقوقية.
وفي ظل برودة العلاقات، وقعت أحداث شارلي إيبدو الإرهابية التي خلفت مقتل 17 شخصا في باريس، وزار صلاح الدين مزوار يوم 11 يناير فرنسا لتقديم التعازي. وفي جلسة في مجلس الشيوخ الفرنسي الخميس الماضي، صرح لوران فابيوس بزيارته الى المغرب في المدى القريب دون تحديد تاريخ لذلك.
وخلال هذه الأيام وقعت تطورات سلبية جعلت المراقبين يتخوفون من برودة أكثر، منها مشاركة وزير الزراعة ستيفان لوفول في مدينة لومان في نشاط من تنظيم أنصار البوليساريو، وهي أول مشاركة لوزير فرنسي في نشاط من هذا النوع.
وفي الوقت ذاته، البرودة التي أصبحت عليها مواقف الخارجية الفرنسية في نزاع الصحراء ومنها تفادي الحديث عن الحكم الذاتي والاكتفاء بدعم قرارات الأمم المتحدة، كما حدث الأسبوع الماضي.
كما أقدمت وزيرة العدل كريستيان توبيرا على انتقاد حرية التعبير في المغرب خلال مراسيم تشييع أحد ضحايا أسبوعية شارلي إيبدو، بحديثها عن عدم المساح للصحافة المغربية رسم كاريكاتير للملك.
ووسط كل هذه التطورات، وبينما كان الرأي العام المغربي ينتظر زيارة فابيوس الى الرباط، ويجري الحديث عن موقف صلب للمغرب من فرنسا، يأتي الخبر المفاجأة بذهاب صلاح الدين مزوار الى باريس وليس العكس.
وهذه الزيارة المفاجئة تطرح تساؤلات عديدة على ضوء مواقف التصلب المغربي وكتابات الصحافة المقربة من الدولة طيلة الشهور الماضية. ومن خلال ما يدور من تفسيرات، هناك واحد من سببين: الأول وهو رغبة المغرب في إصلاح العلاقات مع فرنسا في وقت يشهد ملف الصحراء صعوبات على المستوى الدولي، وتبقى فرنسا هي الوحيدة القادرة على مساعدة المغرب بشكل واضح بسبب الفيتو الذي تتوفر عليه.
والسبب الثاني يتجلى في صعوبات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السفر الى الخارج في ظل الأخبار التي تفيد بإصابته بمرض يعيق تحركه كثيرا خاصة في الخارج.
في الوقت ذاته، كانت أصوات قد ارتفعت في فرنسا بعد أحداث أسبوعية شارلي إيبدو تطالب بضرورة إعادة العلاقات خدمة للأمن القومي الفرنسي بشأن الإرهاب.