عكس اسبانيا، فرنسا توازن بين التبادل التجاري والاستثمار في المغرب ووزن أوروبا الاقتصادي يتعزز في دبلوماسية الرباط

العلم المغربي والعلم الأوروبي

تفوقت اسبانيا للسنة الثالثة على التوالي على فرنسا في التبادل التجاري مع المغرب، لكن تستمر فرنسا في احتلال صفة الشريك الاقتصادي الأول للمملكة المغربية خاصة على مستوى الاستثمارات مثل الاستثمار الأخير المتمثل في فتح شركة بيوجو-ستروين فرعا لها لتصنيع السيارات. بينما يستمر الاتحاد الأوروبي الشريك الأول للمغرب اقتصاديا وسياسيا، مما يعزز من الوجهة الأروبية للمغرب وفي الوقت ذاته لا يجعله ينوع أسواقه كثيرا.

وأفاد التقرير السنوي لمكتب الصرف المغربي الصادر هذا الأسبوع احتلال اسبانيا للمرة الثالثة على التوالي الشريك التجاري الأول للمغرب ب 16،3% بينما احتلت فرنسا المركز الثاني ب 15،8%، وعلى مستوى الكتل، يبقى الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول للمغرب بقرابة 68% من المبادلات التجارية بين الطرفين.

ورغم توقيع المغرب عدد من الاتفاقيات التجارية الحرة مع دول مثل الولايات المتحدة وتركيا، يستمر وزن الاتحاد الأوروبي واضحا في الاقتصاد المغربي، وهو ما يجعل المغرب أمام تحديات كبرى على رأسها البحث عن أسواق بديلة لتطوير اقتصاده والرفع من صادراته.

ووسط أوروبا، تنفرد فرنسا بخاصية، وهو التوازن بين التبادل التجاري والاستثمار. وتحتل فرنسا المركز الثاني في التبادل التجاري، حيث تعتبر المزود الرئيسي للمغرب بمعدات استراتيجية ومنها الأسلحة والآليات الثقيلة المستعملة في الصناعة. وفي الوقت ذاته، تستثمر في المغرب.

وعلاقة بهذه النقطة، أقدمت شركة بيجو-سيترون على توقيع اتفاقية مع المغرب خلال هذه الأيام لفتح فرع لتصنيع عشرات الآلاف من السيارات في البدء للانتقال الى قرابة 2000 ألف سيارة خلال السنوات المقبلة. وهذا النوع من الاستثمارات المباشرة يخلق مناصب شغل ويساهم بوفرة في خزينة الدولة المغربية عبر الضرائب.

لكن هذه الخاصية لا تتميز بها العلاقات الاقتصادية المغربية-الإسبانية. ورغم أنها الشريك التجاري الأول على مستوى المبادلات التجارية والتي تصب لصالح اسبانيا، فهذه الأخيرة لا تتوفر في الوقت الراهن على استثمارات يمكن اعتبارها استراتيجية. وتحمل اسبانيا خطئا في الكثير من التقارير صفة المستثمر الثاني في المغرب، بينما كان الاستثمار الكبير الذي قامت به كان في أواخر التسعينات من خلال المشاركة في ائتلاف بين شركة مغربية وبرتغالية واسبانية وهي تليفونيكا للحصول على الخط الثاني للهاتف النقال. وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت الاستثمارات الإسبانية في المغرب ضعيفة للغاية ولا تتجاوز بضعة ملايين يورو سنويا. بل انسحبت أبناك كبرى من المغرب وكذلك شركة الهاتف تليفونيكا التي تحمل الآن اسم “موبيستار”.

ويعتبر الاقتصاد عاملا رئيسيا في تحديد العلاقات الدولية، فمن جهة يكون سدا في وجه الأزمات، ومن جهة أخرى يعزز من العلاقات. وهذا ما يحصل في العلاقات الخارجية للمغرب. فقد ساهم ارتفاع التبادل التجاري بين المغرب واسبانيا خلال السنوات الأخيرة في هدوء علاقات تميزت دائما بالتوتر على خلفية ملفات مثل لاصحراء والصيد البحري وسبتة ومليلية.

وفي الوقت ذاته، منع الدور القوي للاقتصاد في العلاقات المغربية-الفرنسية حصول مزيد من التوتر إبان الأزمة الأخيرة بين البلدين التي انفجرت سنة 2014 وانتهت في فبراير الماضي على خلفية اتهام مسؤولين مغاربة بممارسة التعذيب ضد مواطنين مغاربة وبعضهم مجنس فرنسيا.

كما يحدد الاقتصاد وجهة دولة ما في سياستها الدولية. فرغم انتماء المغرب الى العالم العربي والإسلامي، فهو يحرص على تطوير العلاقات مع أوروبا نظرا لوزن الاتحاد الأوروبي في الاقتصاد المغربي، وهو ما يفسر سعي الرباط الى توقيع أكبر عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات مع الأوروبيين.

 

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password