شرعت الدولة المغربية في بناء سور فاصل بين مليلية المحتلة وأراضي الناضور، ويحدث هذا لأول مرة في تاريخ المغرب ويتزامن في وقت تلتزم فيه الدولة المغربية صمتا لم يسبق له مثيل حول ملف المدينتين المحتلتين.
ومنذ أيام، بدأت السلطات المغربية في بناء السور التي تتحدث عنه الصحافة المغربية والإسبانية وكان محل انتقادات قوية في بيان صادر منذ يومين عن جمعية الريف لحقوق الإنسان التي نددت بنشر شفرات في السور بما قد يسببه من انعكاسات خطيرة على صحة المهاجرين.
ولم تكذّب الدولة المغربية بناء السور السلكي ولم تقدم تفسيرات للرأي العام. ويحمل بناء هذا السور حساسية سياسية وتاريخية سلبية بالنسبة للشعب المغرب مستقبلا بسبب قضية الاحتلال.
وتقدم الدولة المغربية على بناء السور وعيا منها أن سياسة الأسوار لن تستطع الحد من الهجرة السرية. وقد أقامت اسبانيا سورين حول مليلية، ولكنها لم يستطيعان مواجهة تدفق المهاجرين الأفارقة، هل السور المغربي الثالث سيقوى أمام عزيمة مهاجرين يقطعون أكثر من أربعة آلاف كلم للإلتحاق بأوروبا؟
ويأتي بناء السور بمقترح من اسبانيا، إذ ستتولى القوات الأمنية المغربية التدخل في حالة تجاوز المهاجرين السور الأول (أي السور المغربي) وسيكونون في الأراضي المغربية، ووقتها لن تتحمل اسبانيا مسؤولية التدخل. وتتعرض حكومة مدريد للتنديد والشجب من المعارضة والجمعيات الحقوقية بسبب ما تقوم به في المنطقة الفاصلة بين السورين المتواجدين حاليا.
ورمزيا، يشكل بناء السور اعترافا غير مباشر بحدود مادية بين مليلية وباقي المغرب. ويتزامن بناء هذا السور مع الصمت المطلق الذي يلتزم به المغرب تجاه ملف سبتة وميللية المحتلتين بما في ذلك تجنب الملك محمد السادس الحديث عن المدينتين في خطبه الموجهة الى الشعب طيلة السنتين الأخيرتين.
وكان الملك الراحل ورغم الضغوطات والمناورات التي كانت تمارسها اسبانيا في ملف الصحراء، لا يتردد في الحديث عن سبتة ومليلية. وشرح الوزير الأول السابق والذي شغل منصب وزير الخارجية عبد اللطيف الفيلالي في مذكراته قرار الحسن الثاني بعدم التخلي عن المدينتين وسياسة التذكير بهما لتنبيه العالم الى ملف استعماري لم يحل بعد.
وتبقى المفارقة أنه في ظل صمت الدولة المغربية عن ملف سبتة ومليلية وعدم الإشارة إليه ولو رمزيا، تنوب أحزاب قومية في كتالونيا وبلد الباسك بمطالبة حكومة مدريد بإعادة المدينتين الى المغرب.