بالتزامن مع مرور 30 سنة على العثور على أول غريق للهجرة السرية، غرق 60 شابا أغلبهم مغاربة في مياه المضيق

صورة أول جثة مهاجر مغربي غرق في مياه المضيق وقام بالتصوير الصحفي إيل ديلفونسو دي سينا

في مأساة جديدة للهجرة السرية، تقوم وحدات الحرس المدني بالبحث عن 17 مهاجرا يعتقد أنهم مغاربة غرقوا في البحر أمس الاثنين، وجرى انتشال أربعة جثث، ويصادف هذا ذكرى مرور 30 سنة على العثور على أول جثة مهاجر سري في شواطئ اسبانيا وتعود لمغربي مازال مجهول الهوية.

وانتشلت دوريات الحرس المدني أمس أربعة جثث في مياه قادش أقصى جنوب اسبانيا، كما انتشلت 13 جثة في مياه مليلية شمال المغرب والمحتلة من طرف اسبانيا. وأكدت مصلحة الحرس المدني على وصول قارب مساء الاثنين الى قادش وكان على متنه وفق المهاجرين ما بين 43 و46 مهاجرا، 22 تمكنوا من النجاة، وجرى انتشال جثث أربعة بينما يعتبر الآخرون ضمن المفقودين ويجري البحث عنهم. وهكذا، في ظرف 24 ساعة، يكون عدد الجثث هو 17 ما بين مليلية وقادش وأكثر من 17 آخرين ضمن المفقودين.

وتصادف هذه المأساة الذكرى 30 سنة على العثور الرسمي على أول ضحايا قارب للهجرة السرية من المغرب نحو اسبانيا، الظاهرة التي تفاقمت خلال ثلاثة عقود لتصبح مشكلة بين القارة الإفريقية والأوروبية.

وبالضبط، يوم فاتح نوفمبر 1988 الذي يصادف يوم الأموات في الدين المسيحي، عثر الصحفي إلديلفونسو دي سينا في ساحل طريفة البعيد ب 20 كلم عن الجزيرة الخضراء في الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق على جثة شخص وبالقرب منه قاربا خشبيا تتلاعب به الأمواج. وتبين أن الأمر يتعلق بجثة ضمن جثث أخرى ظهرت لاحقا لقارب غرق في البحر ونجا أربعة مهاجرين اعترضهم الحرس المدني، وكانت المفاجأة أن أولئك الشباب جاءوا  على متنه للوصول الى أوروبا.

لم تكن أوروبا تفرض التأشيرة على المغاربة، كان يكفي تقديم جواز السفر وقرابة مائة دولار لكي دخل المرء الى اسبانيا مثلا، لكن العائق الكبير كان وقتها سياسة السلطات المغربية خلق عراقيل لحصول المغاربة على جواز السفر. كانت القوارب مخصصة للصيد البحري وتهريب المخدرات وفي حالات نادرة للغاية لتهريب بعض الملاحقين سياسيا، ومنهم حميد البجوقي الذي كان محكوما ب 30 سنة سجنا سنة 1984. ويقول لجريدة القدس العربي “غادرت المغرب من مدينة مرتيل في أبريل 1984، كنت وحيدا في قارب الهجرة رفقة صديق كان القارب في ملكيته، وصلت الى منطقة استيبونا بالقرب من مالقا بعد أربعة ساعات، وغادرت القارب ومررت أمام دورية للحرس المدني التي لم تهتم بي نهائيا، وقتها لا أحد كان يتخيل وصول أشخاص على متن قوارب”. البجوقي نفسه الذي أصبح لاجئا سياسيا سيتولى ضمن فريق من المغاربة والإسبان تتبع ظاهرة الهجرة السرية ومآسيها.

مرت ثلاثون سنة على أول مأساة للهجرة السرية في مضيق جبل طارق،  لكن لا أحد كان يتصور كيف ستصبح الظاهرة خلال العقود المقبلة، لقد تحولت هجرة قوارب الموت الى مصدر توتر بين المغرب واسبانيا وبين القارة الإفريقية والأوروبية، وتحولت الى عنوان بارز للفوارق بين العالم الأول والعالم الثالث. كما أصبحت خبرا قارا في الصحافة العالمية، لكن لا يحظى بالاهتمام نفسه الذي كان عليه منذ قرابة ثلاثة عقود. يوم 2 نوفمبر 1988 تصدر الخبر نشرات الأخبار والجرائد الدولية، وما بين الأسبوع الماضي وبداية الجاري غرق أكثر من ستين  شابا من المغرب وإفريقيا في المياه بين المغرب واسبانيا، ومنهم طفلين، لكن هذا لم يجد فضاء في الصحافة الدولية، ثلاثون الأسبوع الماضي، و34 الاثنين من الأسبوع الجاري بين من انتشلت جثثهم وبين المفقودين.

وتقدر الجمعيات المهتمة بضحايا قوارب الهجرة نسبة الغرقى والمفقودين بحوالي سبعة آلاف الى ثمانية آلاف طيلة 30 سنة الأخيرة، وقد تمر 30 سنة أخرى، وسيبقى البحر يلتهم ضحايا الفوارق بين أوروبا والقارة الإفريقية ومسرحه الرئيسي مياه مضيق جبل طارق.

Sign In

Reset Your Password