ترغب هولندا في إقناع الاتحاد الأوروبي بتمييز المنتوجات القادمة من منطقة الصحراء المغربية عن باقي مناطق المغرب تحت ذريعة أنها تأتي من منطقة نزاع سيادي. وموقف هذه الدولة ذات النظام الملكي، يأتي ليبرز فشل دبلوماسية الحكومة ودبلوماسية المؤسسة الملكية حتى الآن في نسج علاقات قوية مع الأنظمة الملكية في شمال أوروبا، حيث أصبحت هذه الدول تتبنى سياسة غير ودية ضد مصالح المغرب في الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.
وباستثناء العلاقات التاريخية البروتوكولية بين المغرب ودول شمال أوروبا، لم يسبق للمغرب أن سطر أجندة ذات بعد استراتيجي لتطوير العلاقات مع دول السويد والنروج والدنمرك بل وحتى هولندا إذا استثنينا مجال الهجرة بينما شهدت العلاقات مع بريطانيا برودة.
ومؤشر غياب هذه العلاقة المتينة أو البرودة هو موقف هذه الدول من الملفات المغربية دوليا وخاصة في نزاع الصحراء. فقد تزعمت الدنمرك وبريطانيا معارضة تجديد اتفاقية الصيد البحري، وتزعمت هولندا موقفا ضد المنتوجات الزراعية القادمة من الصحراء بينما اعترف برلمان السويد بما يسمى جمهورية الصحراء التي أعلنها البوليساريو. وتعتبر النروج التي لا تنتمي الى الاتحاد الأوروبي من أكبر الداعمين سياسيا وماليا لجبهة البوليساريو. في الوقت نفسه، تتزعم هذه الدول سواء في البرلمان الأوروبي أو عبر ممثليها في المفوضية الأوروبية قرارات حقوق الإنسان ضد المغرب.
ولا يبادر المغرب الى تطوير العلاقات مع هذه الدول التي أصبحت تشكل له مصدر قلق سياسي في ملف يعتبر مصيريا لمستقبله السياسي والاستراتيجي والذي هو الصحراء. ويستمر العمل بمفهوم العلاقات الكلاسيكية القديمة.
ومن خلال استعراض مستوى العلاقات يلاحظ غياب علاقات دبلوماسية تترجم على مستوى الزيارات والاتفاقيات، باستثناء بعض الزيارات البروتوكولية لحضور زفاف أمير أو زيارة مجاملة كتلك التي قام بها الأمير تشارلز الى المغرب مؤخرا.
وخلال العشر سنوات الأخيرة، لم يقم أي رئيس حكومة مغربية بزيارة رسمية الى هذه الدول والتوقيع على اتفاقيات بارزة لتطوير العلاقات الثنائية، علما أن عمل رئيس الحكومة ابن كيران مقيد للغاية خارجيا. وفي الوقت ذاته، لم يقم الملك محمد السادس بأي زيارة الى هذه الدول رغم أن أنظمتها ملكية كما لم يستقبل أي ملك أو ملكة من هذه الدول. وهذا ناتج عن قصور المؤسسة الملكية ومستشاريها لأنه مفارقة حقيقية أن تصدر مشاكل المغرب في أوروبا عن أنظمة ملكية.
وتعتبر الملكيات في هذه الدول برلمانية وهي تسود ولا تحكم، ولكنها تتمتع بصوت مسموع في السياسة الخارجية وخاصة بريطانيا والسويد. وتعرض المغرب لأكبر نكسة دبلوماسية في السويد، كما لم توفق السفيرة الأميرة جمانة في تطوير العلاقات مع بريطانيا وبدأ البرلمان في لندن يسجل أسئلة كثيرة حول الصحراء بما لا يصب في المغرب.
وفي الوقت ذاته، يفتقد سفراء المغرب للمبادرة في هذه الدول، حيث لم ينسجوا علاقات مع الأحزاب السياسية كما لم يتمكنوا من التعريف بملف الصحراء. ومن أبرز هذا الضعف أنه عندما صادق برلمان السويد على الاعتراف بجمهورية البوليساريو عجز السفير عن نشر ولو مقال واحد في صحافة هذا البلد يقدم موقف المغرب