عادت الفرنسية الى التربع على عرش التعليم في المغرب بعدما قررت الدولة المغربية اعتماد هذه اللغة للتدريس وخاصة العلوم من رياضيات وفزياء، ويحدث هذا في وقت كانت قد تعرضت فيه الفرنسية الى هجمة من طرف الدولة المغربية نفسها والتهديد باستعمال الانجليزية.
ويعتبر المغرب من الدول التي فشلت في اعتماد نموذج متطور للتعليم لا على مستوى المضمون ولا على مستوى اللغة المستعملة، حيث أضحت المدرسة المغربية مختبرا للتجارب المستمرة بين التعريب والفرنسة.
وتحولت لغة التعليم الى عامل للتوتر السياسي على مستويين، الأول وهو تلويح المغرب إبان الأزمة التي شهدتها العلاقات بين باريس والرباط سنة 2014 بالتقليل من هيمنة اللغة الفرنسية والرهان على الانجليزية. والمستوى الثاني أو واجهة الصراع الثانية هي بين رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ووزير التعليم رشيد بلمختار عندما أقدم الأولى على سابقة في تاريخ البرلمان بتوبيخ الثاني لاتخاذه قرار فرنسة المواد العلمية.
وهكذا، فقد فازت فرنسا في معركة إعادة فرنسة التعليم في المغرب، وهذا يدل على استمرار ارتباط المغرب سياسيا واقتصاديا والآن تعليميا بهذا البلد، مما يعطي المصداقية للقولة السياسية “ماما فرنسا” التي يرددها الكثيرون.
في الوقت ذاته، لم يعد رئيس الحكومة يصدر تصريحات نارية بشأن التعليم، فقد “ابتلع لسانه” بمجرد ما علم بقرار الملك الانحياز للغة الفرنسية على حساب العربية في التعليم.
وبينما يجري الحديث عن لغة التعليم وظهور نظريات مثيرة مثل ربط التعريب بارتفاع أسلمة المجتمع وكأن درس الرياضيات بالعربية سيجعل الطالب متطرفا، يبقى الإشكال الحقيقي هو نوعية المعرفة والمعلومات ومدى توفير هذه اللغة لهذه المعرفة. وهذا إشكال تعالني منه فرنسا بدورها والتي تريد تغيير المناهج لتفادي التأخر الذي تعاني منه حاليا. وقد نجحت دول أخرى في الرهان على لغتها مثل كوريا الجنوبية واليابان ولكن طورت مناهج التعليم ونوعية المعرفة التي يتم تلقينها، ولم تواجه تحديات اللغة بقدر ما واجهت تحديات المعرفة.