راهنت فرنسا في القمة التي أجرتها مع الجزائر أمس الاثنين على مستوى رئيسي حكومتي البلدين عبد المالك سلال وجان مارك أيرلوت على تعزيز التعاون الاقتصادي تفاديا لفقدان ريادتها التجارية في المغرب العربي بعدما أزاحتها الصين من الجزائر واسبانيا من المغرب.
وفي أعقاب وصوله الى رئاسة فرنسا، رسم الرئيس فرانسوا هولند رفقة مساعديه استراتيجية تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المغرب والجزائر ومحاولة إيجاد توازن سياسي بينهما على خلفية نزاع الصحراء المغربية.
وقدم هولند شبه اعتذار في البرلمان الفرنسي السنة الماضية حول جرائم فرنسا في الجزائر إبان الحقبة الاستعمارية، ليكون ذلك بمثابة مقدمة لتجاوز التوتر السياسي القائم على أحقاد ومآسي الماضي نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية في سوق واعدة مثل الجزائر.
وكانت وثيقة لمجموعة من الخبراء في السياسة الخارجية الفرنسية تحمل اسم “ابن رشد: نحو سياسة جديدة في العالم العربي” وخصصت حيزا هاما للمغرب العربي توصي بالجزائر اقتصاديا.
وتأتي زيارة جان مارك أيرولت الى الجزائر تتويجا لهذه الاستراتيجية بعد غياب السياسي وحضور الاقتصادي، حيث جرى التوقيع على تسع اتفاقيات شملت الصيد البحري والطاقة ومجال الأدوية والتبادل التجاري والاستثمارات ليس فقط الفرنسية في الجزائر بل الجزائرية في فرنسا.
وأكد عبد المالك سلال أن فرنسا والجزائر “تجاوزتا تقلبات الزمن ونحن ننظر اليوم الى المستقبل وسنظل على هذا النسق من خلال إقامة شراكة جديدة”.
وتكشف التقارير الرسمية الفرنسية أن الصين والى غاية نهاية نوفمبر الماضي تحولت الى الشريك التجاري الأول للجزائر بعدما تجاوزت واردات الجزائر منها الواردات من فرنسا. فقد استوردت الجزائر خمسة ملايير دولار من الصين وأربعة ملايير و700 مليون دولار. في الوقت نفسه، تحتل فرنسا المركز الرابع في صادرات الجزائر، حيث تفوقت عليها كل من اسبانيا وإيطاليا ثم بريطانيا.
وهذه الأرقام مرعبة لفرنسا ذات الحضور والنفوذ التاريخي في الجزائر. وتزداد الصورة قتامة في حالة المغرب بعدما أزاحت اسبانيا فرنسا شريكا أولا للمغرب. وهذه المعطيات تؤشر عل تراجع نفوذ فرنسا نسبيا في وقت أصبح الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى بوصلة تحديد النفوذ والاتفاقيات والشاركة الدولية.