تدفع الحرب الباردة التي عادت بقوة بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وروسيا التي تحظى بدعم بعض الدول الكبرى مثل الصين الى التحفظ والتريث في انفتاحه على موسكو رغم الكتابات المتكررة في الصحافة المغربية التي أعلنت روسيا حليفا جديدا للمغرب.
وسجلت سنة 2014 عودة قوية للحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة على خلفية ملفات متعددة على رأسها الأزمة لأوكرانية التي فجرت مواجهة دبلوماسية في المنظمات الدولية وجعلت الغرب يفرض عقوبات قاسية على الاقتصاد الروسي جعلت عملة الروبل تفقد الكثير من قيمتها أمام العملات الدولية وأساسا الدولار واليورو.
وكشفت عودة الحرب الباردة استمرار العالم الغربي السيطرة على أوراق استراتيجية ومنها الاقتصادية قادرة على ضرب اقتصاديات دول أخرى ومنها روسيا. واعترف الرئيس الروسي فلادمير بوتين بوجود مؤامرة تقودها واشنطن لضرب روسيا اقتصاديا من خلال التسبب في انهيار أسعار النفط.
وتدفع الحرب الباردة الكثير من دول العالم التي تبحث عن دعم القوى الكبرى التريث في تحالفاتها أو تبعيتها، في حالة الدول الضعيفة، لهذه القوة الدولية أو الأخرى.
وشهد المغرب طيلة سنة 2014 نقاشا قويا حول الرهان على القوى المتزعمة لمجموعة البريكس وعلى رأسها روسيا. وانصب النقاش حول زيارة للملك محمد السادس الى موسكو لتعزيز العلاقات بعدما وقفت روسيا مع المغرب في مجلس الأمن لمواجهة القرار الأمريكي خلال أبريل 2013 الذي كان يسعى الى تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. وكانت وثيقة للدبلوماسية المغربية، سربها القرصان كريس كولمان، قد أعربت عن ارتياح حقيقي تجاه موقف روسيا بشأ، نزاع الصحراء.
كما انصب على احتمال ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين، بعدما أعلنت موسكو نيتها الرفع من واردتها الزراعية من المغرب بعدما أعلنت مقاطعة منتوجات الاتحاد الأوروبي ضمن الحرب الاقتصادية الدائرة بسبب أوكرانيا.
ولم ترتفع واردات روسيا من المغرب بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها نتيجة انهيار أسعار النفط، كما تحفظت عل جودة بعض المنتوجات الزراعية المغربية التي لا تستجيب لشروط موسكو الخاصة بالإستيراد.
ويبقى الأساسي هو الشق السياسي، فقد جرى الحديث عن تاريخين لزيارة الملك محمد السادس لموسكو، التاريخ الأول كان خلال يونيو الماضي، ثم جرى الحديث عن أواخر سبتمبر أو أكتوبر الماضيين، لكن الزيارة لم تحدث في أي من التاريخين.
وعلى الرغم من عادة المغرب الإعلان عن زيارات ملكية معينة لا تنفذ لاحقا، فالعامل السياسي قد يكون وراء التريث في تأخير زيارة روسيا. فالحرب الباردة الجديدة تتطلب اصطفافا لهذا الطرف أو ذاك بدون تردد وبدون غموض وتحمل تبعيات الاصطفاف. ويدرك المغرب استمرار قوة الغرب وكيف ألحق بروسيا أضرارا اقتصادية وسياسية، وسيكون رهانه في الوقت الراهن على روسيا بمثابة رهان على خطر دبلوماسي قد يكون غير رابح.
ورغم العلاقات المتوترة التي تجمع المغرب مع الغرب بسبب تراجع تأييد واشنطن ولندن وباريس له في نزاع الصحراء، ووجود تفهم أكبر من بكين وموسكو، فالراجح أن المغرب يرغب في التريث لتفادي ارتكاب خطئ في رهاناته الدبلوماسية في وقت يعتبر هامش الخطئ محدودا للغاية في السياق الدولي الحالي.
ومن العوامل التي تجعل المغرب يتريث كثيرا في بوصلته الدبلوماسية، التغيير الذي ينتظره في كل من فرنسا باحتمال وصول نيكولا ساركوزي الى الرئاسة والذي تجمعه علاقات متينة بالمغرب، واحتمال وصول هيلاري كلينتون الى البيت الأبيض التي تعتبر صديقة للمغرب أو أي مرشح جمهوري، إذ يتعاطف الحزب مع المغرب دائما.