قرر الاتحاد الأوروبي بدء المرحلة الأولى من “الحل العسكري” لظاهرة الهجرة السرية في البحر الأبيض المتوسط وأساسا القادمة من ليبيا. ولم يتطلب التوصل الى الحل تعقيدات سياسية بحكم تحمس كل الدول للحلول الأمنية، ويأمل في تكرار تجربة إفريقيا الغربية منذ سنوات التي حدت من نسبة القوارب. ويحدث هذا في وقت تستمر الدول الأوروبية مختلفة حول الحلول الإنسانية وبينها توزيع واستقبال المهاجرين السريين.
في هذا الصدد، اتفق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يومه الاثنين في بروكسيل على الشروع في الحل العسكري للهجرة السرية في البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال قيام المخابرات الأوروبية جمع المعلومات حول الشبكات التي تنظم الهجرة السرية في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.
وتتجلى المرحلة الثانية في قيام وحدات من كوماندوهات أوروبية بمحاصرة السفن المحملة بالمهاجرين في عرض البحر في المياه الدولية لاعتقال المهربين. ذلك أن القانون الدولي يجيز ذلك. وتتجلى المرحلة الثالثة في تدمير سفن المهربين في المياه الليبية. وهذه المرحلة رهينة بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأنه يمس المياه الاقليمية لدولة عضو.
وكانت وثيقة صادرة عن الاتحاد الأوروبي وسربتها جمعية ويكليكس الشهر الماضي قد تضمنت تخوف بعض الأوروبيين من انعكاسات سلبية للتدخل العسكري في شواطئ ليبيا من شأنه أن يؤدي الى مواجهات مع بين قوات أوروبية ومليشيات ليبية.
وفي ندوة صحفية في بروكسيل بعد الاتفاق، صرحت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن القومي المشترك فدريكا موغريني “الهدف ليس المهاجرين وإنما العصابات التي تتاجر بأرواح وحياة المهاجرين وتجني أرباحا طائلة”.
وخلال الأيام المقبلة، سيبدأ العمل بالخطة ، وفق تصريحات فدريكا موغيريني، وتشمل خمسة سفن حربية وغواصتين وثلاث طائرات المكلفة بحراسة البحار وطائرات بدون طيران وثلاث طائرات مروحية، وذلك بمشاركة قرابة ألف جندي ينتمون الى مختلف الدول الأوروبية تحت قيادة أدميرال إيطالي. ولن تهم العملية العسكرية مجموع البحر المتوسط في البدء بل ستكتفي بمراقبة شواطئ ليبيا، حيث تنطلق قوارب بشكل يومي محملة بالمهاجرين.
وسيكون الهدف الرئيسي هو السفن الكبيرة التي تستعمل في نقل مئات المهاجرين دفعة واحدة من شواطئ ليبيا الى شواطئ إيطاليا. وإذا كان التدخل في مياه ليبيا لتدمير هذه السفن يتطلب قرارا من مجلس الأمن، فالأمر لا يتطلب قرارا في حالة اعتراض هذه السفن قبل دخولها المياه الاقليمية الليبية لتحميل المهاجرين.
وبعد ارتفاع نسبة المهاجرين نحو شواطئ إيطاليا من ليبيا، حيث تجاوز الرقم مائة ألف فقط خلال السنة الجارية، نجحت دول الاتحاد الأوروبي التوصل الى اتفاق سريع حول الحل العسكري للهجرة السرية، إذ لم يتطلب الأمر أكثر من شهر من المفاوضات لوضع الترتيبات المطلوبة. وفي المقابل، تتعنت الكثير من دول الاتحاد الأوروبي بشأن التوصل الى اتفاق حول توزيع المهاجرين السريين الذي اقترحته المفوضية الأوروبية الشهر الماضي.
ورغم تسجيل سنة 2014 أكبر نسبة من النازحين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وارتفاع التوتر السياسي والأزمات المالية لدى الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، فهذا الأخيرة يتقدم في الحلول الأمنية والعسكرية للهجرة على حساب الحلول الإنسانية.
وتكشف التجارب صعوبة نجاح الحلول الأمنية والعسكرية للهجرة، فهي قد تحد مؤقتا من تدفق المهاجرين ولكنها لا تستأصل الظاهرة التي أصبحت من عناوين الخلل البنيوي في العلاقات الدولية.
لكن الاتحاد الأوروبي يستشهد بتجربته في القضاء على قوارب الهجرة القادة من غرب إفريقيا. وكانت سنتي 2004-2006 قد شهدت قدوم سفن من موريتانيا والسينغال وغامبيا، وقامت دوريات أوروبية بتنسيق مع دول المنطقة ونجحت في الحد من تلك القوارب التي كانت تعرف باسم “كايوكو” وتحمل حتى 150 مهاجرا سريا.