يتنافس المغرب والجزائر على مفاوضات السلام في دولة مالي بين الحكومة وحركة الطوارق الأزواد ضمن مساعي كل بلد منهما تحقيق مكتسبات استراتيجية في إفريقيا الغربية والتحول الى مخاطب سياسي في هذه المنطقة.
ورغم نجاح الجيش الفرنسي في طرد مقاتلي تنظيم القاعدة من مالي، يستمر هذا البلد الافريقي في تسجيل توتر سياسي بسبب مطالب الحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي تتراوح مطالبها بين استقلال إقليم الأزواد شمال مالي وتأسيس دولة وبين حكم ذاتي موسع يصل الى مستوى الكونفدرالية مع باقي مناطق البلاد.
وحاولت الجزائر لعب دور المشرف على المفاوضات منذ سنوات لأنها تتخوف من هذه الحركة التي تصل مطالبها الى المطالبة بجزء من الجنوب الجزائري ضمن “دولة الأزواد”. لكن دور الجزائر تراجع خاصة بعد التدخل الفرنسي، وتولت دولة بوركينا فاسو الإشراف على هذه المفاوضات بين الحكومة المركزية في مالي وهذه الحركة، وبدورها أدت الى الفشل.
ويوجد الآن صراع بين المغرب والجزائر حول من يشرف على المفاوضات. فقد استقبلت الجزائر مسؤولين كبار منهم الرئيس إبراهيم بوبكار كيتا مؤخرا، ولكن المفاجأة حصلت الجمعة الماضية عندما استقبل الملك محمد السادس زعيم الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بلال أخ الشريف.
ونقلت فرانس 24 في موقعها باللغة الفرنسية أمس عن فيليب هوغون مختص في مالي وهو باحث تابع لمعهد الدراسات الاستراتيجية أن المغرب وفرنسا يسعيان الى تحقيق مكاسب استراتيجية مرتبطة أساسا بأمنهما القومي.
في هذا الصدد، يبرز أن الجزائر رغبت دائما في لعب دور المشرف الرئيسي والمحتضن للمفاوضات بسبب الحدود التي تتقاسمها مع شمال مالي، واعتقادا منها أنها الأنسب لإدارة هذه المفاوضات.
وتتخوف الحركة الوطنية لتحرير الأزواد الممثلة لأغلبية الطوارق من الدور الجزائري، وهذا دفعها الى دق أبواب المغرب مدركة كل الادراك التنافس والصراع القائم بين الجزائر والمغرب. في هذا الصدد، يؤكد فيلبي هوغون “المغرب لا يبحث فقط على منافسة الجزائر بل يسعى الى المشاركة في اللعبة الاستراتيجية لفرض وجوده في منطقة الصحراء الكبرى، إذ لا ننسى أن هناك نزاع الصحراء الغربية الذي مازالت حركة البوليساريو تتصارع مع المغرب على سيادته”.
ولا ترغب فرنسا في التدخل في هذه المفاوضات لأن باقي الأطراف تتهمها بمحاباة حركة الأزواد، ولم يقم الاتحاد الإفريقي بأي دور يذكر حتى الآن شأنه شأن الأمم المتحدة، ولهذا سيحتد التنافس حول إدارة المفاوضات بين المغرب والجزائر لاسيما وأن الأمر يتعلق بأمنهما القومي وليس فقط الصراع الدبلوماسي.