كما كان منتظرا، بدأ توشيح مدير المخابرات المدنية عبد اللطيف الحموشي يخلف جدلا سياسيا في اسبانيا بعدما وصل الأمر الى البرلمان، حيث يطالب حزب سياسي بتوضيحات حول هذا التوشيح لمسؤول أمني متابع في فرنسا. والمثير هو موقف وزارة الداخلية في مدريد التي أخذت مسافة من التوشيح محملة مسؤولية الاختيار الى الإدارة العامة للشرطة.
ومنحت الإدارة العامة للشرطة الإسبانية وساما لعبد اللطيف الحموشي من نوع “الصليب الشرفي لاستحقاق الشرطة بتميز أحمر” بينما منحت مسؤولين آخرين من الجهاز نفسه الوسام نفسه ولكن بتميز أبيض.
وفسرت الإدارة العامة للشرطة الإسبانية منح الوسام للحموشي واثنين من مسؤولي الجهاز، مدير قسم مكافحة الإرهاب وقد يكون الضابط الآخر مسؤول عن الاتصال والمراسلات مع قسم الاستعلامات للشرطة الإسبانية، بالتعاون الكبير بين الطرفين ودور الجهاز المغربي في تفكيك خلايا إرهابية كانت تهدد الأمن القومي الإسباني. وجرت عملية التوشيح في العاصمة مدريد مساء الأربعاء من الأسبوع الجاري.
ومباشرة بعد انتشار الخبر أمس الخميس في وسائل الاعلام، بادر الفريق البرلماني أميور، وهو حزب قومي باسكي من مؤيدي جبهة البوليساريو بوضع سؤال في البرلمان يطالب وزير الداخلية خورخي فيرنانديث بتوضيحات حول المعايير التي جرى اعتمادها لتوشيح “مسؤول أمني يلاحقه القضاء الفرنسي بتهمة التعذيب وخرق حقوق الإنسان”.
النائب البرلماني جون إنيريتو تساءل كذلك “هل لم تجد الحكومة الإسبانية بين كل مسؤولي الأمن في المغرب سوى شخصا تحوم حوله شبهات التعذيب ومتابع في فرنسا لكي توشحه”. ولم يستبعد هذا النائب أن يكون للأمر علاقة بملاحقة فرنسا للحموشي، حيث أرادت اسبانيا تحقيق نقاط على حساب باريس.
ومن المنتظر انضمام أحزاب سياسية أخرى خاصة القومية الى هذا الاحتجاج، لاسيما وأن جمعيات حقوقية اسبانية تتحرك في هذا الاتجاه.
وتناولت جريدة بوبليكو الموضوع بالتحليل، واتصلت بوزارة الداخلية الإسبانية مطالبة بتوضيحات حول المعايير المعتمدة في منح وسام للحموشي. وكانت المفاجأة أن وزارة الداخلية نفت تدخلها في منح الوسام، وأكدت أن الاقتراح والاختيار قامت به الإدارة العامة للشرطة الإسبانية.
ومن خلال هذا الموقف، تأخذ وزارة الداخلية مسافة من الوسام الممنوح للحموشي، وهو ما يفسر عدم حضور وزير الداخلية خورخي فيرنانديث حفل توشيح الحموشي رغم أن الوزير كان في العاصمة مدريد.
وكانت ألف بوست قد أبرزت في مقال يوم الخميس العامل السياسي وراء غياب وزير الداخلية حتى لا يتحمل المسؤولية السياسية في توشيح الحموشي.
ويسود الاعتقاد بارتكاب الحموشي خطئا بقبول وسام ثانوي من الدرجة الثالثة تمنحه إدارة الشرطة لا يتناسب وموقع مدير جهاز يعادل وزير بل لم تمنحه حتى الميدالية الذهبية أو الفضية، بينما كان مسؤولون مغاربة مثل الجنرال ابن سليمان قد حصلوا على أعلى الأوسمة من المجلس الحكومي الإسباني.
ويبقى التساؤل، هل سيرفض الحموشي الوسام إذا اتخذت وزارة الداخلية موقفا غير بريء من خلال إصرارها على عدم مسؤوليتها السياسية عن توشيحه؟