توجت زيارة الدولة الرسمية التي أنهاها الملك محمد السادس لمالي والتي دامت 5 أيام بتوقيع 15 اتفاق تعاون وبعقد “حلف شراكة وأخوة وتعاون” بين البلدين.
وطبيعي أن يتعاون المغرب مع مالي، وطبيعي أن يقدم العاهل المغربي عشرة آلاف مصحف لمساجد مالي، ويتعهد بتكوين 500 إمام من أئمة
الوسطية لمواجهة التطرف في إفريقيا جنوب الصحراء، وطبعا نتائج الزيارة تثلج صدورنا كموريتانيين فنحن نسعد بتعزيز العلاقات والتكامل بين افريقيا والعالم العربي واعتبرنا ونعتبر ذلك أمرا في غاية الأهمية والحيوية لكن رغم ذلك يشعر بعض الموريتانيين وأنا منهم بشيء من الامتعاض المبرر فجلالة الملك عبر أجواءنا مرات عديدة في زيارات رسمية لجيراننا جنوبا وشرقا وأجلت زيارته لموريتانيا بتبريرات غير مقنعة، ثم إن تفعيل محور الرباط – دكار – باريس واسناده بمحور مراكش – بماكو – أبدجان يجعلنا نتوجس من آثار ذلك الجانبية على مستوى التجاذبات الاقليمية الثنائية.
لقد لدغت موريتانيا من جحر هذه المحوريات إبان أزمة علاقاتها مع السينغال في ثمانينيات القرن الماضي ولا نود أن يعيد التاريخ نفسه أو يعيد الآخرون تسطير وقائعه بما يؤثر على مصالحنا الحيوية في محيطنا الإقليمي الحيوي.
ومن اللافت أن تتمخض الزيارة الحالية عن اتفاق عسكري أمني كبير ظاهره بناء ثكنات ومنح تدريبات لكن بنوده غير المعلنة تضمنت تدريب الحرس الرئاسي المالي وتدريب قوات تدخل خاصة ومنح أسلحة متطورة وتبادل معلومات استخبارية حيوية وكلها أمور من شانها أن تخل بالتوازن الاستراتيجي مع دولة تشترك معها موريتانيا بحدود برية تتجاوز 2000 كلم.
وبالنسبة لجنوح الأشقاء المغاربة لنشر الاسلام والوسطية على حدودنا كان يمكن أن نتكامل ويشد بعضنا بعضا فالشناقطة لهم باع طويل في هذه المجالات وقاموا بهذا الدور منذ عشرات القرون ويقومون به الآن، كذلك لا يمكن اهمال الآثار الجانبية للزيارة على مسار قضية الصحراء فهي أيضا تهم موريتانيا التي تقف على الحياد وتدعم ما يتوصل إليه الفرقاء ولكنها معنية بفعل الجغرافيا السياسية وبفعل الروابط الاجتماعية التي لا يمكن القفز عليها.
في جميع الاحوال قد تكون الزيارة اذكت آمال الماليين ولكنها أيضا أذكت هواجس الموريتانيين وكلها أمور لها ما قبلها وسيكون لها ما بعدها.