في روايته (تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية) يسعى الكاتب المغربي عبد الرحيم لحبيبي عبر الإجابة عن أسئلة حضارية وثقافية إلى اكتشاف خصوصية الذات ورصد معوقات تحول دون تطور العرب والمسلمين والذي يرى أنه لا يتم إلا بالتفاعل مع الآخر.
واعتمد الكاتب في الرواية التي بلغت القائمة المختصرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) لعام 2014 على حيلة سردية تقليدية تمثلت في عثور باحث -هو الصوت الروائي- على مخطوطة من نسخة وحيدة لرحالة عاش في القرن التاسع عشر بمدينة آسفي عاصمة منطقة عبدة في وسط غرب المغرب وعثر على المخطوطة في “سوق العفاريت” وهو سوق شعبي في آسفي.
وفي الرواية التي تقع في 256 صفحة متوسطة القطع يحاول لحبيبي أو الراوي إعادة كتابة المخطوطة ليحولها إلى أطروحة جامعية بمعونة أحد الأساتذة المختصين إلا أنه يفشل بسبب استخفاف الأستاذة بالعمل بحجة “غياب المعايير الأكاديمية” حيث ضاع جزء تالف من المخطوطة فيقرر العبدي المحبط من رفض الأساتذة لإخراج المخطوطة أكاديميا كتابتها بطريقته بسبب تعلقه بمضمونها.
وتحكي المخطوطة رحلة حج يقوم بها رحالة انطلاقا من جامع القرويين في مدينة فاس المغربية -حيث يتلقى علوم اللغة والفقه والشرع والطب- إلى الحجاز عبر طريق سلجماسة والصحراء الإفريقية الكبرى ومصر ولكن الرحلة تتحول إلى تحليل لواقع العرب والمسلمين “المتخلف” حيث يحث العبدي على الاستفادة من أوروبا لتجاوز “هذا التخلف”
ويقول لحبيبي في مقابلة مع رويترز إن “رحلة العبدي كانت لاكتشاف الذات. ما الذي يعوقنا على أن نجيب الإجابة الصحيحة عن المعوقات التي تعوق تطورنا” حيث اختار من التاريخ المغربي النصف الثاني القرن التاسع عشر زمنا لأحداث الرواية.
ويضيف لحبيبي أنه أطلق على الرحلة اسم التغريبة لأن العبدي اختار الوصول إلى الحقيقة كيفما كانت ولم تفرض عليه. فالعبدي “الذي حول رحلته من البحث عن مصادر العلوم إلى البحث عن أسباب تخلف العرب والمسلمين وتقدم أوروبا يبني نصا سرديا انطلاقا من مخطوط جاهز لتتحول الرواية إلى رحلتين.. رحلة الرواي (الكاتب لحبيبي) الذي يبحث عمن يتعمق في مخطوطة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر. ورحلة الراوي (العبدي) إلى الحجاز قصد التعمق في العلم والحج.”
ويقول لحبيبي إن هذا العمل احتاج منه أربع سنوات وتطلب الكثير من المراجع للتحقق وكانت أمامه “طريقتان إما أن أكتب مباشرة عن هذا الماضي وإما أن أجعل هذا الماضي يتكلم عن نفسه لهذا اخترت مخطوطة تتكلم عن هذا العصر”.
ويصف ما يسميه اللعبة السردية بأنها تنهض على مستويين “النص الأول هو نص النفي وهو نص الهامش أو التحقيق. والنص الثاني هو الذي يستند به المحقق إلى النص الأول” ويرى أن قراءة الرواية تتطلب قراءة النصين معا فكلاهما يكمل الآخر.
ويترك الكاتب النهاية مفتوحة إذ لم يصل العبدي إلى “الإجابة عن سر تقهقر العرب.. أردت أن يختار القارئ معي الإجابة المناسبة وهذا من حق القارئ لأننا كلنا عبديون.”
ويقول لحبيبي “وضعت العبدي قرب أوروبا. وفي آخر النص سيصاب بمرض. كان قريبا من أوروبا جغرافيا وبعيدا عنها بمئات الآلاف من الأميال فكريا وحضاريا.. لذا وضعته على صخرة جبل طارق.”
وصدرت للحبيبي الذي عمل بالتربية والتدريس لسنوات قبل أن يتفرغ للكتابة روايتان قبل (تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية) التي تتنافس على جائزة البوكر العربية مع خمس روايات لكل من المغربي يوسف فاضل والسوري خالد خليفة والعراقيين أحمد سعداوي وإنعام كجه جي والمصري أحمد مراد.
وستعلن الجائزة في حفل يقام يوم 29 ابريل نيسان عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب.