رحيل الشاعر إرنستو كاردينال .. أحد رواد لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية

إرنستو كاردينال

وفي الشاعر ورجل الدين إرنستو كاردينال يوم الأحد 1 مارس/آذار في نيكاراغوا عن سن يناهز 95 سنة، وهو الذي جمع بين الإبداع الأدبي وتزعم ثورة لاهوت التحرير، التي جعلت من الدين المسيحي عنصرا للتحرر في منطقة أمريكا اللاتينية، ويعد من الوجوه الثورية البارزة في تاريخ المنطقة.

وينتمي كاردينال دولة نيكاراغوا، الذي ولد فيها سنة 1925، وهو رجل دين تولى الوعظ وكتابة الشعر، وحصل على جوائز عالمية، ولكنه ثار في وجه ديكتاتورية ساموزا، وانتقد تورط الكنيسة في دعم الديكتاتورية، ودفعه كل هذا إلى الدعوة إلى التحرير، اعتمادا على ما يعرف بلاهوت التحرير، وهو من أبرز عناصر هذا التيار الديني، الذي انخرط فيه الكاثوليك والبروتستانت منذ الستينيات في أمريكا اللاتينية، للدفاع عن أطروحة أن إنقاذ الكائن لن يتم بدون التحرر الاقتصادي والأيديولوجي والسياسي، الذي يضمن كرامة الإنسان. ولهذا السبب، يدعو لاهوت التحرير رجال الدين إلى اكتساب وعي بالوضع الاقتصادي والسياسي في أمريكا اللاتينية، والنضال ضد كل أنواع الظلم لاسيما الأنظمة.

وتجسيدا لهذه التعاليم، انخرط في الثورة السندينية في نيكاراغوا، التي كانت ثورة مسلحة، وبعد نجاحها سنة 1979 تولى منصب وزير الثقافة فيها، بينما تولى رجال دين آخرون مناصب وزارية، وهو ما أغضب الفاتيكان، إبان عهد البابا يوحنا بولس الثاني، الذي عاقب دينيا إرنيستو كاردينال سنة 1984 بمنعه من لقب القسيس والصلاة بالناس، لكن البابا الحالي أعاد له اللقب، خلال فبراير/شباط من السنة الماضية. ونظرا لانحياز الكنيسة التاريخي إلى الأنظمة الحاكمة في أمريكا اللاتينية، كان كاردينال يؤكد أن الفاتيكان لا يمثل بالضرورة المسيح. ورغم مساهمته القيمة والكبيرة في الثورة السندينية، اختلف خلال السنوات الأخيرة مع قائدها دانييل أورتيغا، عندما عاد إلى الحكم سنة 2007، وتعرض جراء مواقفه المنددة بالفساد إلى التضييق والملاحقة.
ويعد إرنستو كاردينال من الشعراء الكبار في أمريكا اللاتينية، خلال القرن العشرين، ما أهله الى دخول الأكاديمية الإسبانية، لكن الصورة المعروف بها وسيحتفظ له بها التاريخ، هي شخصية الثائر إلى جانب كل من تشي غيفارا وماركوس وهوغو تشافيز وفيدل كاسترو. وكذلك شخصية رجل الدين الذي ساهم في جعل الكنيسة إلى صف التحرر الاقتصادي والفكري، بدل خدمة الأنظمة الديكتاتورية. ويقدره المفكرون في أمريكا اللاتينية لنجاحه في تجسيد مبادئ لاهوت التحرير على أرض الواقع، بإعطاء الكنيسة طابعا تقدميا مخالفا لطابعها المحافظ الداعم للأنظمة مع بعض الاستثناءات التاريخية.

Sign In

Reset Your Password