أقدمت مجموعة من الأسماء التي تضم حقوقيين وسياسيين وإعلاميين على التوقيع على بيان يحمل اسم “من أجل حوار وطني حول التنمية المعاقة بالمغرب” يتساءل عن مصير الثروة في المغرب، وذلك بعد خطاب الملك محمد السادس خلال عيد العرش الذي بدوره يتساءل عن خطاب الثورة.
ويفتقد البيان لرؤية واضحة في طرح جريء بحكم أن الثروة في المغرب تعرضت وما تزال للاختلاس والنصب والسرقة، ويردد الرأي العام أسماء من قاموا باختلاس ممتلكات الشعب المغربي. وهذا الافتقاد للرؤية قد يكون مرده محاولة إرضاء أفراد ينتمون الى تيارات مهادنة للدولة ومنخرطين في مؤسسات الدولة مثل البرلمان. وهذه الرؤية تجرنا الى تساؤل عريض: هل يمكن معالجة اختلاس أموال الشعب المغربي بجرعة من الشجاعة أقل من سنة 2011؟
ويعيد البيان أو الاعلان الخطئ التاريخي هو مركزية البيانات والمبادرات السياسية في الرباط، حيث تغيب أسماء من مختلف الأقاليم كما تغيب أسماء ناشطة حقوقيا وسط الجالية المغربية. وهذا القصور من أكبر العراقيل للنشاط السياسي والحقوقي والاعلامي للمجموعات التي تعتقد، عملا بالنكتة، في أن العالم يبدأ في الرباط وينتهي في عاصمة المغرب.
ويتفاجأ الرأي العام بالبيان ومضمونه والموقعين عليه في إجراء، ورغم النيات الحسنة، شبيه بعمل الوصاية على الآخرين وخوصصة النضال. ويحدث هذا في زمن نعيش الثورة الاعلامية وثورة آليات التواصل حيث يمكن فتح نقاش موسع، كما يحدث في زمن توجه فيه الانتقادات الى الطرف الآخر في تهيئة الدساتير والقوانين بعيدا عن الرأي العام. قد يبادر البعض الى تدارك الأمر، لكن لا يعني غياب هذا السلوك الضارب في فكر أصحاب مركزية النضال في الرباط.
والذكاء كان يتطلب توجيه الدعوة للنقاش والتوقيع لاسم أو اسمين من كل إقليم لإضفاء المشروعية الوطنية على هذا العمل النبيل مضمونا والفاقد للشرعية شكلا.
فالشعور بالوصاية على الآخرين ألوان وأشكال، ثابتة في معسكر المخزن ومتغلغلة في الصف النضالي، وفي آخر المطاف تبقى وصاية في العمق، وقد يكون الحل هو الانتقال الى مفهوم وتصور الحكم الذاتي حتى في النضال.