لا تنوي حكومة اسبانيا مصادرة جامع قرطبة الشهير الذي استحوذت عليه الكنيسة، وتتذرع بالكلفة الاقتصادية المرتفعة لكل عملية ااستعادة. ويرى المراقبون في قرار الحكومة انحيازا خطيرا للكنيسة، بينما بدأ نشطاء يطالبون بتسجيل آثار عربية وأخرى مسيحية في اسم حكومات الحكم الذاتي لتفادي استحواذ الكنيسة أو هيئات أخرى عليها.
وانفجر الصراع على جامع قرطبة منذ شهرين عندما بدأت لجنة مختلطفة من مؤرخين وسياسيين ونشطاء المجتمع المدني تطالب حكومة مدريد بنزع ملكية الجامع من الكنيسة. وكان أسقف كنيسة جامع قرطبة قد استغل وجود قانون لتسجيل المعابد غير المسجلة الملكية وكتبها في اسمه لدى مصحلة الضرائب بقمية 30 يورو فقط سنة 2006.
ويصل الموضوع الى البرلمان ويخلف احتجاجات سياسية، حيث عالجته الحكومة خلال الأسبوع الجاري في مجلس الشيوخ. وقال وزير العدل ألبرتو غاياردون أنه لا يمكن نهائيا استعادة ملكية جامع قرطبة الشهير من الكنيسة لأن الدولة غير قادرة على تقديم تعويض مالي للكنيسة. وبهذا يعترف الوزير أن القيمة المالية المسجد خيالية ويتذرع بهذا الوضع لتبرير عدم استعادة ملكية الجامع. وعمليا، لا يمكن وضع قيمة مالية حقيقية لمعبد تاريخي شهير من حجم جامع قرطبة وتبلغ مساحته 23 ألف متر مربع.
وترى بعض الأحزاب ومنها اليسار الموحد في الموقف الحكومي ميلا حقيقيا لمصالح الحكومة خاصة وأن الحكومة محافظة وتؤيد الكثير من قرارات الكنيسة. ويتساءل الحزب ومعه جزء كبير من الرأي العام كيف يسمح للكنيسة بالإستحواذ على جامع قرطبة ب 30 يورو والآن يتم التبرير بعدم القدرة على دفع التعويض. ويرى المهتمون أن القرار الصائب هو استعادة الملكية بموجب “المصلحة العامة وأن المآثر التاريخية لا تباع”. ويبقى العائق هو أن جامع قرطبة معلمة تاريخية ولكنه في الوقت ذاته كنيسة تقام فيه الصلاة.
وتؤكد جريدة الباييس منذ يومين تسجيل الكنيسة منذ سنة 1948 لآلاف المآثر في اسمها في مجموع اسبانيا، غير أن الفضيحة انفجرت الآن بسبب القمية التاريخية لجامع قرطبة. ومن جهة أخرى، ولوضع حد لمثل هذه الحالات، بدأت جمعيات كثيرة تطالب السكان بإحصاء المعابد والأماكن التاريخية التي يمكن للكنيسة السيطرة على ملكيتها لتفادي سيناريو شبيه بجامع قرطبة. كما تطالب حكومات الحكم الذاتي بتسجيل ملكية هذه المعابد في اسمها بحكم تمثيليتها للصالح العام وعكس الكنيسة.
ويراهن المؤرخون وجمعيات المجتمع المدني على حكومة الحكم الذاتي في الأندلس للقيام بمبادرة سياسية وقانونية لاستعادة جامع قرطبة من الكنيسة.