شكلت عدد من الدول لجن للتحقيق في كيفية تسيير الحكومات لملف تدبير الوباء العالمي أو جائحة كورونا، وتنطلق من حسها الوطني للوقوف على الثغرات والأخطاء والإيجابيات في أفق تطوير العمل في حالة عودة هذا الوباء مجددا أو وباء آخر.
وأسست عدد من البرلمانات لجن في هذا الصدد، بينما وصل الأمر إلى رفع دعاوي ضد مسؤولين مثلما هو الحال في فرنسا واسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، حيث تعتقد شريحة من المواطنين بارتكاب المسؤولين أخطاء قاتلة أدت الى آلاف الوفيات بمرض الكوفيد-19 الناتج عن كورونا فيروس. وترحب الحكومات بلجن التحقيق وعيا منها بأهميتها لصالح الوطن والشعب.
وانطلاقا من المسؤولية الوطنية، المغرب مطالب بتأسيس لجنة تحقيق قد تكون برلمانية أو مشكلة من البرلمان وأعضاء من المجتمع المدني للوقوف على الثغرات التي اعتبرت تدبير أزمة كورونا في هذا البلد. وعليه، ستكون اللجنة في حالة التأسيس كعرف ديمقراطي مطالبة بتقديم أجوبة على قضايا هامة للغاية وهي:
في المقام الأول، مستوى الشفافية في استعمال أموال صندوق كورونا لمواجهة التأثيرات السلبية على اقتصاد البلاد. إذ يوجد تذمر حقيقي وسط شريحة من السكان لم تستفد، وهناك تصريحات صدرت عن زعماء أحزاب كلاسيكية تعمل من ضمن النسق الرسمي شككت في غياب الشفافية وإعطاء الصندوق الأولوية للباطرونا.
في المقام الثاني، صدور اسم المغرب ضمن 15 دولة فقط من دول العالم التي شهدت خروقات حقوق الإنسان خلال الأسابيع الأولى، ونشرت الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي أشرطة لاعتداءات بالضرب والسب من طرف مسؤولي وزارة الداخلية ضد مواطنين.
في المقام الثالث، فضيحة الاستثناء المغربي في ترك مواطنيه عالقين في الخارج، وهي عملية لا يمكن وصفها إلا بالتخلي عن المسؤولية والتخلي عن المواطنين في وقت الشدة. فلم توصي منظمة الصحة الوطنية العالمية بعدم إجلاء المواطنين، بينما دول ذات إمكانيات أقل من المغرب مثل تونس قامت بإجلاء جميع مواطنيها. لماذا شكلت الدولة المغربية الاستثناء العالمي في هذه الجائحة؟ إنه استثناء لا يشرف ولا يصمد أمام كل المبررات.
في المقام الرابع، الوقوف على الخلل الذي شاب عملية التعليم عن بعد بسبب تعثر شبكة الإنترنت والقدرة المحدودة للفقراء لكي يقتنوا لوحات رقمية لأبنائهم للدراسة، ثم المشاكل التي ترتبت عن التعليم الخاص.
في المقام الخامس، لماذا فشلت وزارة التعليم والبحث العلمي في تحديد جينوم فيروس كورونا بينما نجحت مؤسسات أخرى مثل الدرك و مختبر خاص في الدار البيضاء ووزارة الصحة ولكن مع معهد باستور الفرنسي. هذا يطرح تساؤلات عميقة حول البحث العلمي في المغرب.
في غضون ذلك، تحاول جهات في الدولة المغربية الترويج لأطروحة اعتراف المجتمع الدولي بتدبير السلطات المغربية لجائحة كورونا، والواقع أن الأمر لا يتعدى تصريحات بروتوكولية من شخصيات وتصدر هذه التصريحات من باب المجاملة لأن الاعتراف يجب أن يأتي من طرف لجنة مختصة. لقد راكم المغرب آلاف التصريحات البروتوكولية التي يتغنى بها إعلام الدولة، وفي آخر المطاف يجد نفسه غارقا في المديونية وفاشل في التنمية. ويحتل مرتبة غير مشرفة في تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية.