قدم والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري الى الملك محمد السادس السبت الماضي تقريرا حول الوضع الاقتصادي في البلاد، واستعرض سلسلة من الإصلاحات التي تدخل في إطار نيوليبرالية التي تطبقها الدولة، نظاما وحكومة، منذ سنوات من خلال التركيز على إصلاح صندوق المقاصة دون تقديم بديل حقيقي لدعم الطبقات الفقيرة في البلاد.
وطالب والي بنك المغرب بضرورة الاستقرار السياسي والرهان على إصلاح صندوق المقاصة لترشيد الاقتصاد المغربي، وفي المقابل دعا الى إجراءات للحفاظ على مستوى عيش الفئات الفقيرة والمعدمة في البلاد.
في الوقت ذاته، أبرز أنه رغم الظرفية الإقليمية والدولية غير المناسبة لبسبب النزاعات مما يؤثر على الوقود والمواد الأولية، نجح المغرب في خلال السنوات الأخيرة من إحراز ثقة المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف والمستثمرين الأجانب.
واستعرض وصفة كلاسيكية تتجلى في الاهتمام بالشركات والمقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير ثقافة البنوك في علاقتها بالمواطن المغربي والشركات عبر تعزيز الإدماج المالي وتحسين جودة الخدمات البنكية.
ومنذ سنوات، وتقارير البنك الدولي تدعو الى إصلاح صندوق المقاصة، لكنها لم تقدم حتى الآن أي تصور لإصلاح هذا الصندوق، في الوقت ذاته، لم تصدر أي مجموعة بحث تابعة لجامعة مغربية معينة تقارير حول التصور المستقبلي للمقاصة.
وعمليا، فالدولة المغربية تقدم على التقليص من صندوق المقاصة تدريجيا من خلال رفع أسعار بعض المواد الغذائية والوقود. وكل قرار رفض للأسعار، لاسيما وأنه لا يوازيها ارتفاع أسعار هذه المواد في السوق الدولية، هو تقليص لصندوق المقاصة.
ويحاول التقرير رسم صورة وردية عن الاقتصاد في المغرب في وقت لم يتقدم في تصنيف وكالات الائتمان مثل ستاندر أند بورس وفيتش بل يوجد في المركز نفسه منذ أربع سنوات. ويحدث هذا في وقت يعتبر البلد الأقل تأثرا بالربيع العربي بل واستفاد من تراجع السياحة في تونس ومصر. وارتباطا بهذا، تفرض المؤسسات المالية الدولية على المغرب ضرورة التوفر على “خط سيولة ائتماني” من صندوق النقد الدولي للحصول على قروض.
والتقرير الذي جرى تقديمه منذ يومين الى الملك محمد السادس تضمن سلسلة من الأرقام والمعطيات حول النمو الاقتصادي، حيث يتحدث مثل التقارير السابقة عن أرقام نمو غالبا لا تكون صائبة، بحكم أن المغرب من الدول القليلة في العالم الذي يقدم أرقام نمو مرتفعة وينتهي بأرقام أقل بكثير أو العكس. واعتادت الدول في ارتكاب هامش من الخطئ بحوالي 0،5% في أقصى الحالات لكنه في المغرب يتم ارتكاب الخطئ بنقطتين، أي 2%.
ومنطقيا، دولة مثل المغرب ستحقق في نهاية السنة 4،4% من النمو الاقتصادي بعدما كان المرتقب هو في 2،7% يعني تفادي عدم المس بصندوق المقاصة بحكم تحقيق فائض يوفره النمو الاقتصادي. كما أن نسبة النمو تحتم على البلاد الابتعاد عن طلب القروض الخارجية إلا إذا كانت ستقدم على مشاريع ضخمة لتطوير بنياتها التحتية، وهو الأمر الذي لا يحدث.