وضع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون حول الصحراء، بضرورة مقاربة حقوق الإنسان في الصحراء، فرنسا في وضع محرج خلال معالجة مجلس الأمن لهذا النزاع غدا الجمعة، وجعل الاتحاد الأوروبي يميل الى الموقف البريطاني. وتشير كل المعطيات الى تبني باريس خطاب وموقف الاعتدال والمناورة لتفادي التعرض للنقد اللاذع من دول أخرى.
وجاء تقرير بان كيمون الصادر منذ أيام صادما للمغرب بعدما أوصى بمقاربة حقوق الإنسان ومراقبة الثروات الطبيعية في الصحراء، وتعاظمت صدمة المغاربة لأن الإعلام الرسمي كان يقدم دبلوماسية الرباط بمثابة المحققة للنصر دوليا في هذا الملف على جبهة البوليساريو المدعومة بالجزائر.
ونظرا لتشعبات الملف دوليا منذ الحرب الباردة ثم الاختلافات وسط الغرب خلال السنوات الأخيرة، فتقرير الأمين العام بان كيمون يضع فرنسا في موقف حرج في الصحراء بشكل لم يسبق له مثيل، ويحرجها وسط الاتحاد الأوروبي.
ويمثل الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن فرنسا وبريطانيا اساسا، ويوصي الاتحاد الأوروبي سواء المفوضية الأوروبية أو البرلمان الأوروبي بضرورة مراقبة حقوق الإنسان ودعم تقرير المصير حلا متفقا عليه. وتاريخيا لم ينجح الاتحاد الأوروبي في التحدث بصوت واحد في هذا النزاع بسبب موقف فرنسا التي كانت تهدد باللجوء الى الفيتو ضد كل مبادرة تعمل على تغيير الوضع العام للنزاع، وبهذا كانت تميل لصالح المغرب.
ووقعت مواجهات متعددة بين فرنسا وبريطانيا حول هذا الملف لاسيما في الشق المتعلق بحقوق الإنسان، لكن هذه المرة تميل الكفة الى بريطانيا لسبب بسيط وهو أن مراقبة حقوق الإنسان صادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة وليس عن دولة عضو دائم أو ذات العوضية غير الدائمة في مجلس الأمن، وهو ما يجعل المبادرة تتجاوز المصالح الاستراتيجية للدول وتأخذ قوة قانونية شبه محايدة.
وهذا التطور هو الذي يجعل فرنسا في موقف حرج للغاية، وكانت باريس قد نبهت المغرب، منذ مجيئء الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولند الى السلطة،أنها لن تستطيع الاستمرار في مناهضة مراقبة حقوق الإنسان ولكنها سوف تستعمل الفيتو ضد فرض كل حل للنزاع في الصحراء يهدد استقرار المغرب.
وكان المغرب قد اتهم الولايات المتحدة بتغليب المصالح الاستراتيجية في المغرب العربي لصالح الجزائر عندما تقدمت السفيرة السابقة سوزان رايس خلال أبريل الماضي بمقترح لمراقبة حقوق الإنسان قبل التخلي عنه.
وتؤكد مصادر تابعة للاتحاد الأوروبي لألف بوست أن “الاتحاد بلور موقفه منذ مدة حول نزاع الصحراء وهو تأييد مساعي الأمم المتحدة بما في ذلك مراقبة حقوق الإنسان، ولكنه لم يلزم فرنسا وبريطانيا باتخاذ موقف موحد بحكم أن مواقف الاتحاد أوروبيا ليست ملزمة للدول الأعضاء”.
ورغم هذا، تجد باريس نفسها في موقف حرج هذه المرة في نزاع الصحراء، حيث تميل الكفة الى موقف لندن التي تتبنى سياسة صارمة وغير ودية تجاه المغرب، حيث كانت جريدة أخبار اليوم المغربية قد أكدت أن بريطانيا ترغب في تقليص مدة مهام المينورسو الى ستة أشهر قابلة للتجديد بدل سنة، وذلك حتى يتسنى ممارسة ضغط أكبر على المغرب.
في الوقت ذاته، يتزامن التقرير مع الأزمة التي تمر منها العلاقات المغربية-الفرنسية على خلفية ملفات كانت مصدر توتر منها الصحراء وكذلك محاولة اعتقال مدير المخابرات المدنية المغربية عبد اللطيف الحموشي. وهناك تساءل كبير حول موقف فرنسا، هل ستعارض إقحام مراقبة حقوق الإنسان أم ستتبنى مقاربة وتوصيات الأمم المتحدة؟