سيؤثر انهيار أسعار النفط على مخططات الجزائر الدبلوماسية والعسكرية خلال السنوات الأخيرة بحكم أن الأولوية ستكون للوضع الداخلي تفاديا لانفجار اجتماعي وسياسي يجري الحديث عنه بقوة.
واستفادت الجزائر خلال السنوات الماضية من ارتفاع أسعار النفط، وقامت بعقد صفقات أسلحة ضخمة الى مستوى تحولها الى الزبون العاشر عالميا في شراء الأسلحة والأولى إفريقيا سنة 2013 بل وخصصت 13 مليار دولار لوزارة الدفاع سنة 2015، الأعلى من نوعها في تاريخ البلاد وربما في تاريخ القارة السمراء.
لكن التراجع المفاجئ والسريع في أسعار النفط في ظرف شهور معدودة بانتقاله مما يفوق مائة دولار للبرميل الى دون 50 دولار سيجعل الجزائر تتريث في مختلف صفقات التسلح الكبرى التي تنوي توقيعها مع المانيا وروسيا والصين والاكتفاء بالحد الأدنى لتطوير الجيش.
ومن المنتظر جدا لجوئها الى الاحتياطي المالي لتمويل جزء من هذه الصفقات بدل الاعتماد على العائدات الحالية التي تراجعت بقرابة 40% تماشيا مع تراجع أسعار النفط أساسا ونسبيا الغاز.
وسيمس تراجع النفط قدرتها الدبلوماسية في نسج العلاقات الدولية بحكم أنها توظف التبادل التجاري ضمن تطوير العلاقات وخاصة مع الدول الكبرى لتعزيز دورها السياسي في الساحة الدولية وتحرز صفة المخاطب الرئيسي في قضايا القارة الإفريقية.
واعتمادا على أرقام التبادل التجاري لسنة 2013، فقد حققت تبادلا تجاريا مع الدول الكبرى بأكثر من 120 مليار دولار. وتحولت الجزائر بفضل صادرات الغاز والبترول ومشتريات العتاد العسكري الى الشريك الاقتصادي الأول أو ضمن الثلاث الأوائل في القارة الإفريقية لمعظم الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا والصين وتركيا وكندا باستثناء روسيا التي لا تعتبر ضمن العشر الأوائل سواء في الاستيراد أو التصدير، لكنه يرتكز على شراء الأسلحة الروسية.
وحقق التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والجزائر سنة 2013 ما يفوق 64 مليار دولار، فهي الشريك الأول لفرنسا وإيطاليا واسبانيا وبريطانيا في إفريقيا. وتحولت الى شريك اقتصادي هام للولايات المتحدة بما قيمته 12 مليار دولار ولتركيا بأكثر من 4،5 مليار دولار، وهو ما يشكل أكثر من ثلث مبادلات تركيا مع إفريقيا.
ونجحت الجزائر في الزواج بين التبادل التجاري ونسج العلاقات الدولية، إذ ساعدها التبادل التجاري وقوة وارداتها من دول تعيش أزمات ومنها الأوروبية في التحول الى مخاطب رئيسي في أزمات القارة الإفريقية وخاصة في الشمال مثل ليبيا ومالي.
ونظرا لارتكاز الجزائر بشكل كبير على عائدات النفط والتبادل التجاري لتأكيد حضورها في الساحة الدولية، فتراجع النفط سيؤثر كثيرا على استراتيجيتها الدبلوماسية وعلى صفقاتها العسكرية.
وستحاول الجزائر التركيز على الوضع الداخلي تفاديا لانفجار اجتماعي في مجتمع يعتمد بشكل كبير على مساعدات الدولة بحكم غياب أوراش متعددة للعمل بسبب ارتهان الاقتصاد على النفط والغاز دون باقي القطاعات الأخرى.
مقال ذو صلة: