يخيم شبح الانتخابات اليونانية وفوز حزب سيريزا على اسبانيا أكثر من أي دولة أوروبية أخرى بحكم اقتراب الانتخابات التشريعية وتعاظم قوة حزب بوديموس الشبيه بنظيره اليوناني. ويتزامن هذا مع انهيار الأحزاب التقليدية، الشعبي المحافظ والاشتراكي المعارض وكذلك الحزب الشيوعي.
وشكل فوز حزب سيريزا في الانتخابات اليونانية زلزالا سياسيا وماليا في الاتحاد الأوروبي بحكم ما يشكله من منعطف حقيقي في الممارسة السياسية من الانتقال من سياسة تقليدية دامت عقودا طويلة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية الى الوقت الراهن.
وتفيد معظم التحاليل في اسبانيا بأن حزب بوديموس الذي يتقاسم مع سيريزا البرنامج السياسي نفسه يعتبر الأكثر استفادة من انتخابات اليونان. وكان هذا الحزب قد ظهر خلال فبراير الماضي، وشارك في الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي وحصل على المركز الثالث في اسبانيا، ولكن ابتداء من سبتمبر الماضي بدأ يتصدر استطلاعات الرأي.
وهذا الحزب بزعامة الشاب بابلو إغلسياس الذي ينتمي أغلب مؤسسيه الى الأساتذة الجامعيين ونشطاء المجتمع المدني، يطالب مثل سيريزا بإعادة النظر في سياسة التقشف التي تنهجها حكومة الحزب الشعبي المحافظ بقيادة ماريانو راخوي والتي ساهمت في تفاقم الأوضاع الاجتماعية من ارتفاع الفقر.
وفي الوقت نفسه، يطالب الحزب بضرورة إعادة النظر في علاقة اسبانيا المالية بالمؤسسات المالية الدولية مثل البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، حيث تعاني اسبانيا من ارتفاع مهول في القروض التي حصلت عليها خلال الثلاث سنوات الأخيرة. ورغما أنها لا تصل الى مستوى قروض اليونان التي تشكل 176% من الناتج القومي الداخلي للبلاد (اليوناني) فهي تصل تقريبا الى 80% في الحالة الإسبانية.
ويستفيد الحزب الجديد من الأجواء التي تطبع اسبانيا سياسيا وتتميز بارتفاع ملفات الفساد التي تورطت فيها الأحزاب التقليدية. وأكد القضاء الإسباني مؤخرا تورط الحزب الشعبي الحاكم في تمويل مالي غير شرعي لمدة قارب العقدين، بينما تورط الحزب الاشتراكي على مستوى الأندلس في اختلاس برامج للاتحاد الأوروبي قاربت مليار يورو.
ويرى الرأي العام الإسباني الحزبين بمثابة عقبة نحو تجديد النسيج#السياسي في البلاد بخطاب وممارسة جديدة، ولا يتردد الكثير من المحللين في وصف قياديي الحزبين ب”كاسيكي”، وهو نعت سلبي يطلق في أمريكا اللاتينية على السياسيين السابقين الذين كانوا يتبنون ممارسات أقرب الى الفيودالية.
ويتعهد حوب بودميوس بتغيير جذري في السياسة السياسية الإسبانية في حالة وصوله الى السلطة وسيبدأ بملفات الفساد التي تثير غثب الشارع الإسباني ويتأخر القضاء في البث فيها.
وتكتب جريدة أنفو ليبري بأن تأثير سيريزا على اسبانيا كبير ويقلق الطبقة السياسية الكلاسيكية. وتذهب جريدة بوبليكو في المنحنى نفسه. والمثير أن جرائد عرفت بدفاعها عن الديمقراطية مثل جريدة الباييس تشن حربا حقيقية ضد هذا الحزب، وذلك راجع الى ارتباطها بالطبقة السياسية الكلاسيكية والخوف من التغيير.