بعد تركيا والهند، يراهن المغرب على البرازيل من أجل تطوير العلاقات العسكرية على مستوى الصفقات والتكوين على المدى القصير والتصنيع على المدى المتوسط. ويأتي رهانه على هذا البلد بعد خيبة أمل في تطوير علاقات صناعية عسكرية مع الغرب.
ومنذ ثلاثة عقود، يواجه المغرب عائقين في المجال العسكري الأول في مجال الصفقات، والثاني في مجال الصناعة العسكرية. وعلاقة بالأول، لم ينجح المغرب في توقيع صفقات عسكرية كبرى مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة بحكم أن هذا البلد يتردد في بيع الجيش المغربي أسلحة متطورة وبدون شروط. ويعود موقف واشنطن الى عدم إغضاب إسبانيا التي ترى في المغرب مصدر جميع المخاطر بسبب استمرار ملفات تربية عالقة لم تجد طريقها للتصفية الاستعمارية، سبتة ومليلية والجزر. وتمارس حكومة مدريد ضغوطات في هذا الشأن على الولايات المتحدة وباقي الدول الأوروبية. وكان الكونغرس قد عارض عدد من صفقات الأسلحة للمغرب منها الطائرات المسيرة MQ-9B، ويوجد ترقب هل سيصادق على اتفاقية صواريخ هيمارس أم لا.
وعلاقة بالعائق الثاني، نجحت عدد من الدول الصاعدة في إرساء صناعة عسكرية متينة وعلى رأسها البرازيل وتركيا، وبدأت دول عربية في تصنيع الدخيرة، في حين فشل المغرب في هذا المبتغى. ويتطلع المغرب منذ أكثر من عقدين إلى بدء صناعة عسكرية بدعم غربي. غير أن الغرب لا يدعم أي دولة عربية في الصناعة العسكرية عكس ما يفعله مع دول أخرى.
وبعد الرهان على الهند وتركيا، راهن المغرب على تطوير العلاقات مع البرازيل. وتطورت هذه العلاقات بمصادقة لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني بمجلس الشيوخ البرازيلي على مشروع مرسوم بالموافقة على الاتفاقية الإطار للتعاون في مجال الدفاع مع المغرب، الموقعة في برازيليا في 13 يونيو 2019. وتنص الاتفاقية على التعاون في المجال العسكري تشمل الصفقات والتكوين والاشتراك في الأبحاث العسكرية، وهذا يعني المشاركة في التصنيع الثنائي عبر تقديم الدعم للمغرب. وعلاقة بالصفقات، ينوي المغرب شراء أنظمة الرجم الصاروخي “أستروس” الذي تقوم بتصنيعه شركة “أفيبراس”، وهو نظام يسمح باستعمال مختلف العيارات الصاروخية ويصل مداه الى 300 كلم.
وترحب البرازيل بالتعاون مع المغرب، إذ يتوفر هذا البلد الأمريكي الجنوبي على 146 شركة تعمل في مجال الدفاع العسكري والمدني من أنظمة عسكرية مثل أستروس الى أنظمة الحرب السيبرانية. وتريد البرازيل البحث عن زبائن وشركاء لتعزيز صناعتها ثم نفوذها الدولي بحكم أن صفقات السلاح تعني تعزيز النفوذ دوليا.
وتعتبر البرازيل هي الوجهة الثالثة للمغرب في مجال الصفقات والتكوين ومحاولة التصنيع. واهتم المغرب كثيرا بكل من الهند وتركيا، وقام بتعيين ملحقين عسكريين في سفارته في البلدين خلال يوليوز الماضي. وعمليا، لم يعد المغرب يعتمد السلاح الغربي رئيسيا بل يراهن على الصيني والتركي والهندي. ووقع صفقات هامة مع الصين شملت نظام الدفاع الجوي الصيني “الدرع الدفاعي-2000 بعدما لم يحصل على نظام باتريوت. كما وقع مع تركيا صفقات تشمل أساسا طائرات سميرة من نوع بيرقدار تعويضا للطائرات المسيرة الأمريكية MQ-9B.
وبدأ المغرب يميل تدريجيا الى دول مثل البرازيل وتركيا بسبب عدم فرض شروط في الصفقات عكس الأمريكية، ثم الأسعار التي تبقى في المتناول وأخيرا استعداد هذه الدول المساهمة في الصناعة العسكرية المغربية.