شهدت مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأميركية المناظرة الأخيرة بين مرشحي الانتخابات الرئاسية، الرئيس الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن ليلة الخميص فجر الجمعة (تغ)، وسط تقدم الأخير وفق استطلاعات الرأي ومحاولة ترامب الالتزامب الكشف عن الضرائب وتصحيح بعض الاختلالات.
وجرت المناظرة في أجواء من الانضباط التام نتيجة الإجراءات المتخذة وهي إطفاء الميكروفون عن المرشح الذي لا يكون دوره بالكلام حتى لا يشوس على الآخر بتدخلاته لاسيما وأن ترامب يتميز بهذا النوع من الفوضى في الحوار.
وقال المرشح الجمهوري والرئيس الحالي ترامب في مستهل المناظرة إن نسبة الوفيات جراء جائحة كورونا تراجعت إلى 85%، مضيفا “لدينا لقاح جاهز وستتولى المؤسسة العسكرية توزيعه قريبا”. وأكد أن إدارته أغلقت أكبر اقتصاد في العالم للحيلولة دون وفاة 2.2 مليون شخص بسبب فيروس كورونا. مبرزا في الوقت ذاته، أن “الفيروس سيزول وقد اقتربنا من التغلب عليه”، مضيفا “نحن بصدد فتح بلادنا وقد تعلمنا الكثير بشأن فيروس كورونا وقمنا باتخاذ إجراءات في وقت مبكر”. وشدد الرئيس الأميركي على ضرورة فتح البلاد والتعافي من هذه الأزمة، موضحا أن الإغلاق التام يضر بالناس ويدفعهم للاكتئاب.
ومن جهته قال المرشح الديمقراطي الذي يتقدم في استطلاعات الرأي، جو بايدن إن 220 ألف شخص لقوا حتفهم في الولايات المتحدة جراء كورونا فيروس حتى الآن، وهناك أكثر من 70 ألف حالة تظهر يوميا، معتبرا أن ترامب ليس لديه حتى الآن أي خطة لمواجهة الجائحة. ووعد بايدن بالتأكد من وجود شفافية فيما يتعلق بلقاح كورونا عند الحصول عليه.
واتهم المرشح الديمقراطي الرئيس ترامب بأنه كال المديح للرئيس الصيني في بداية أزمة كورونا ولم يقم بأي شيء يذكر، لكن ترامب قال إن الخطأ هو خطأ الصين منذ البداية. كما اتهم بايدن منافسه بالقول “يطلب منا تعلم التعايش مع فيروس كورونا ولكن ما يحدث هو أننا صرنا نتعلم الوفاة بسببه”، مؤكدا أنه إذا صار رئيسا فسيضع حدا للمرض ولن يغلق اقتصاد البلاد.
الأمن القومي
وعندما سألت مديرة المناظرة عن موقف المرشحين من إعلان الاستخبارات الأخير بشأن محاولات تدخل روسيا وإيران في الانتخابات، قال بايدن “أي دولة ستتدخل في الانتخابات الأميركية ستدفع الثمن ومن يفعل ذلك فإنه يعبث بسيادة الولايات المتحدة”.
وتساءل بايدن “لماذا لا يقوم ترامب بأي شيء ضد الرئيس فلاديمير بوتين حين تدفع روسيا لاستهداف جنودنا في أفغانستان؟”. ومن جانبه، حاول ترامب الإيحاء بأنه تعامل مع روسيا بقسوة وشدة واتهم بايدن بتلقي أموالا من موسكو. وأثار هذا الجواب استغراب عدد من المراقبين بحكم التساهل الذي تعامل به ترامب مع موسكو طيلة الأربع سنوات الأخيرة.
وقال ترامب إن سلفه باراك أوباما أخبره أن كوريا الشمالية تمثل أكبر مشكلة، مضيفا “لكن تربطني علاقة جيدة مع زعيمها ولن تندلع أي حرب”، موضحا أن اندلاع حرب بين بلدين نوويين كان سيؤدي إلى مقتل ملايين الناس.
أما بايدن فدافع عن سياسة أوباما -حيث كان بايدن نائبه- بأن إدارته كانت تصر على نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، مضيفا أنه سيجتمع بزعيمها شريطة أن يقبل بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.
الصحة والاقتصاد
وقال ترامب إنه ألغى شرطا أساسيا في قانون الرعاية الصحية المعروف باسم “أوباما كير” وسيستبدله قريبا بخطة أفضل. أما بايدن فقال إنه لن يلغي شركات التأمين الخاصة وسيتأكد من حماية من يعانون من الأمراض المزمنة. واعتبر بايدن أن للناس الحق في الحصول على رعاية صحية ميسرة، وأن ترامب لم يقم بأي شيء فيما يتعلق بالرعاية الصحية.
وعلق ترامب قائلا “إذا تم انتخابي ستزدهر أسواق الأسهم أما إذا فاز بايدن فستنهار أسواق الأسهم”، وقال إنه سيرفع الحد الأدنى للأجور ولكن ليس بشكل يمكن أن يضر بذوي المشاريع الصغيرة. واتهم ترامب رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بأنها لا تريد تمرير حزمة المساعدات في الكونغرس لأنها تعتقد أن ذلك سيساعدها في الانتخابات.
واتهم بايدن الرئيس الأميركي بأنه منحاز، وقال “أخوض السباق كمرشح ديمقراطي فخور ولكن إذا تم انتخابي سأكون رئيسا لكل الأميركيين”.
الهجرة والعنصرية
واعتبر ترامب أنه لم يقدم أحد لمجتمع الأميركيين من أصول أفريقية ما قدمته إدارته باستثناء الرئيس أبراهام لينكولن، وبرر سياسته لمنع التسلل عبر الحدود مع المكسيك.
وقال ترامب إنه أقل الموجودين في القاعة عنصرية، وبرر انتقاداته لحركة “حياة السود مهمة” بأنه كان ينتقد الذين يهاجمون الشرطة في المظاهرات. وأضاف “حققت أعلى الأرقام في الحصول على فرص العمل في أوساط السود الأميركيين”.
أما بايدن فقال إن “ترامب قال إنه سيتخلص من المكسيكيين، وحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة”. وأضاف “الأميركيون السود يضطرون لتعليم أطفالهم كيفية التصرف حين توقفهم الشرطة بينما لا يضطر البيض لذلك”.
استطلاعات الرأي
وبينما تكثف حملتا المرشحيْن التجمعات الانتخابية في الولايات المتأرجحة، أظهرت استطلاعات الرأي استمرار تقدم بايدن على ترامب على المستوى القومي، مما يجعل المناظرة واحدة من الفرص القليلة للتأثير على السباق الرئاسي الذي سينطلق في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ونشر موقع ريل كلير بوليتيك Real Clear Politic معدلات استطلاعات رأي مختلفة، أظهرت تقدم بايدن بنسبة 7.7% على الصعيد الوطني.
أما على صعيد الولايات المتأرجحة، التي تعتبر حاسمة في سباق الانتخابات الرئاسية، فيتفوق بايدن على ترامب في ولاية فلوريدا بفارق 2.1%، كما يتقدم في ولاية ميشيغان بفارق 7.8%. ويتقدم المرشح الديمقراطي بمعدل 4.9% في ولاية بنسلفانيا، وبفارق 4.6% في ولاية ويسكونسن، وبفارق 1.8% في ولاية نورث كارولينا.
في المقابل، يتقدم ترامب بفارق 0.6% في ولاية أوهايو، و4% في ولاية تكساس التي أضحت من الولايات المتأرجحة خلال هذه الانتخابات.
وكان ترامب قد فاز عام 2016 بجميع هذه الولايات، مما ساهم في وصوله إلى الرئاسة. ويواجه ترامب تحدي إقناع الناخبين بقدرته على حماية الولايات المتحدة من موجة ثانية محتملة لفيروس كورونا وإعادة إنعاش الاقتصاد الذي يراهن عليه للفوز.
في المقابل، يعد بايدن بتوحيد الأميركيين، وسط انقسامات عرقية وسياسية عاصفة، فضلا عن مواجهة اتهامات ترامب له باستغلال نفوذه لإثراء عائلته.