نبهت إسبانيا منظمة شمال الحلف الأطلسي بضرورة الانتباه الى ما يجري في القارة الإفريقية وخالصة منطقة الساحل بسبب ما وصفته “التسلل الروسي” الى المنطقة مقابل انسحاب الغرب علاوة على عودة الإرهاب. ويأتي الموقف الإسباني في ظل التوتر العالمي نتيجة حرب أوكرانيا ثم تكثيف موسكو لوجودها في القارة السمراء.
وجاء هذا التنبيه أو التحذّير في اجتماع لوزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلس ورئيس الأركان العسكرية في هذا البلد الأوروبي الأدميرال ثيودورو لوبيث كالدورن أمام اجتماع اللجنة البرلمانية للحلف الأطلسي في العاصمة مدريد السبت الماضي. وأبرزت الوزيرة أن “روسيا تجد المجال المثالي للتوسع في إفريقيا عبر جيشها أو عبر شركة فاغنر، فكل فراغ يتركه الحلف الأطلسي وأوروبا في إفريقيا تستغله روسيا”. وتابعت قولها “روسيا تغزو أوكرانيا، وكذلك تتوسع في إفريقيا، ويجب أن تكون واعين بهذا”. ومن جانبه، أوضح الأدميرال ثيودورو لوبيث كالدورن كيف تستغل روسيا غياب الاستقرار في إفريقيا لدعم أنظمة وصلت عبر الانقلابات الى الحكم، وتستغل كذلك الثروات الطبيعية لصالحها.
ويواجه الغرب وخاصة الاتحاد الأوروبي تحديات كبرى في القارة السمراء وبالأخص في منطقة الساحل بعدما قررت دول على رأسها مالي طرد الدول الأوروبية ولاسيما فرنسا، حيث اتهمت باريس بالتشجيع على الإرهاب وعلى استغلال موارد المنطقة. ويعتقد خبراء في جيوبولتيك أن الغرب ينسحب تدريجيا من منطقة الساحل كما فعل في أفغانستان، غير أن الفرق هو أن الساحل قريب جدا من القارة الأوروبية.
ورفعت روسيا من مستوى حضورها في القارة السمراء، فقد وقعت اتفاقيات مع عدد من دول الساحل في المجال الاقتصادي والتعاون العسكري والأمني، مستغلة بعض أخطاء الغرب مثل عدم توفير سلاح فعال لهذه الدول، وكذلك شعور ساكنة المنطقة بأن الغرب يستحوذ عبر شركاته المتعددة الجنسيات على خيرات المنطقة دون استفادة هذه الشعوب.
وتولي إسبانيا أهمية خاصة للحدود الجنوبية للحلف الأطلسي، فقد طرحت بإصرار في قمة الحلف في مدريد خلال يونيو الماضي ضرورة الاهتمام بالحدود الجنوبية بما في ذلك تأمين موارد الطاقة مثل الغاز، وكانت تلمح الى الجزائر. كما أعربت عن قلقها من المناورات العسكرية التي تجريها روسيا مع دول المنطقة، وذلك في تلميح الى الجزائر كذلك. وعمليا، كان الغرب يرسم منذ سنتين خطة خاصة بمواجهة النفوذ الروسي والصيني في معظم مناطق القارة السمراء، غير أن اندلاع حرب أوكرانيا جعله يجّمد تطبيق هذا المخطط للخطر الكبير القادر من حدود الشرق، أي الحرب الروسية ضد أوكرانيا.