روسيا في أكبر هجوم في التاريخ بالصواريخ المجنحة لإجبار كييف على قبول مرحلة ما بعد خيرسون

إطلاق صاروخ مجنح كالبر من سفينة حربية روسية

شنت القوات الروسية هجوما بالصواريخ المجنحة ضد أوكرانيا، يعتبر الرابع من نوعه منذ اندلاع الحرب الحالية، وهو شبيه بالهجوم الأول يوم 24 فبراير الماضي الذي استهدف وقتها البنيات العسكرية لكن هذه المرة استهدف البنيات المدنية. وقد تكون موسكو من وراء هذا الهجوم تسعى الى الدفع بكييف  إلى المفاوضات لتفادي تدمير البلاد.

واستهدف الجيش الروسي مساء وليلة الثلاثاء من الأسبوع الجاري البنيات التحتية وخاصة الطاقة في عدد من المدن الأوكرانية ذات الكثافة السكانية المرتفعة. وبلغ مجموع الصواريخ قرابة المائة. وتنتمي هذه الصواريخ الى صنف الصواريخ المجنحة مع استبعاد استعمال الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. وكالعادة، لجأت موسكو الى منصات مختلفة لإطلاق هذا العدد الكبير من الصواريخ في ظرف وجيز للغاية من غواصات ومنصات أرضية وسفن وطائرات قاذفة.

وأعلنت القوات الأوكرانية في بيان لها عن اعتراض أكثر من سبعين صاروخا، لكن هذه المعلومات تبقى ضعيفة بحكم أن أوكرانيا مازالت تستعمل منظومة الدفاع إس 300، بينما مناورة صواريخ كروز الروسية صعبة حتى على أنظمة متقدمة. وفي هذا الصدد، فقد سقط بقايا صاروخ مضاد من إس 300 في الأراضي البولندية، ومعه يطرح التساؤل التالي: لماذا لا تستعمل أوكرانيا أنظمة مضادة للطيران والصواريخ غربية الصنع ، وقد يكون الجواب بأنها توصلت فقط بالقليل واستنفذته، وتستعمل الآن فقط أنظمة سوفياتية تمتلكها أو حصلت عليها من دول مجاورة مثل بولندا وجمهورية التشيك.

وعموما، يعد هذا الهجوم الأعنف من نوعه منذ بدء الحرب، وهو الرابع زمنيا، بعد هجوم 24 فبراير الماضي الذي استهدف البنيات العسكرية الأوكرانية، ويعتقد أنها استعملت في ذلك الهجوم 150 صاروخا مجنحا لكن خلال يومين. ثم نفذت هجوم 9 أكتوبر بما يفوق 80 صاروخا مجنحا، ثم هجوم يوم 31 أكتوبر بما يفوق 50 صاروخا، والآن هذا الهجوم الأخير بتاريخ 15 نوفمبر الجاري بأكثر من مائة صاروخ من نوع كليبير وإكسندر ووكا ها 101. وبين الهجمات الأربع، تقصف روسيا منشآت أوكرانيا وقاتها بصواريخ بشكل يومي، لكن في غالب الأحيان لا يتعدى الأمر صاروخين أو ثلاث.

وعلاقة بالهجوم الأخير،  لم يسبق استعمال هذه الكثافة النارية بصواريخ كروز الشديدة التفجير في حرب سابقة بما فيها الحرب الأمريكية-البريطانية ضد العراق سنتي 1991 و2003، وكان البنتاغون قد ضرب العراق يوم 19 مارس 2003 ب 49 صاروخا مجنحا من نوع توماهوك، لك الحرب الحالية تجاوز هذا الرقم.

 لأن الأمر يتطلب تحركا لوجيستيا كبيرا لا يتوفر حتى الآن سوى لدولتين وهما روسيا والولايات المتحدة، ولن تصل الصين إلى هذا المستوى سوى خلال السنوات المقبلة عندما سترفع من نسبة سفنها الحربية والقاذفات القادرة على الضرب بالصواريخ المجنحة. ويأتي هذا الهجوم ليكشف ثلاث قضايا متعلقة بالحرب الحرب وأي مواجهة مستقبلية قد تخوضها روسيا وهي:

في المقام الأول، رهان روسيا على الحرب عن بعد ومسافة دون الزج بجنودها في المواجهة المباشرة، حيث تستفيد من تفوقها في الصواريخ بشكل كبير.

في المقام الثاني، تبرز للغرب مخزونها الكبير من الصواريخ المجنحة دون الحديث عن صواريخ فرط صوتية استعملتها مرتين فقط وبعدد لا يتجاوز أربعة، ثم صواريخ باليستية. فقط استعملت ما يفوق 500 صاروخ مجنح، وهو عدد لا تمتلك أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة.

وفي المقام الثالث، تضع أوكرانيا أمام معادلة صعبة، وهي القبول بمرحلة ما بعد خيرسون، أي قبول بقاء الروس في إقليم دونباس علاوة على شبه جزيرة القرم أو تدمير البنيات التحتية في بعض المدن بما يجعل العيش فيها مستحيلا، وبالتالي التسبب في هجرات كبرى. فقد دمرت روسيا 40% من البنية التحتية للطاقة الخاصة بالكهرباء، وإذا رفعت عمليات القصف ستجعل المدن غير صالحة بحكم ارتباط عدد من الخدمات بالكهرباء. ولا تمتلك أوكرانيا أي منظومة فعالة لمواجهة هذه الصواريخ.

وكانت هذه الأسباب هي التي دفعت  قائد القوات الأمريكية الجنرال مارك ميلي، خلال اجتماع مغلق لتقييم الحرب الأوكرانية جرى منذ أيام قليلة إلى التشديد على إلى ضرورة الرهان على الحلول الدبلوماسية، وفقما نشرت جريدة نيويورك تايمز.

Sign In

Reset Your Password