لم يبقى على النظام الذي أقامه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سوى فترة زمنية بعدما بدأ يتهاوى بسبب موقف ركائز أساسية في الدولة الجزائرية مثل القضاء وعلماء المسلمين ونسبيا الجيش. وقد يتجلى في انهيار جبهة التحرير الوطني الذي سيطرت على الشأن السياسي منذ استقلال هذا البلد سنة 1962.
وعاد بوتفليقة من سويسرا الأحد الماضي، في محاولة من الفريق المحيط به إنقاذ النظام الذي أقامه هذا الرئيس، وكذلك بعدما بدأ يشكل عبئا ثقيلا على سويسرا نفسها. ويجد بوتفليقة أمامه جزائر مختلفة عن تلك التي تركها منذ ثلاثة أسابيع عندما توجه الى سويسرا للعلاج.
ولم تعد التظاهرات الضخمة والتاريخية ضد نظام بوتفليقة التي جرت الأسابيع الأخيرة ولاسيما الجمعة من الأسبوع الماضي هي الحدث بل التطورات التي وقعت وعلى رأسها قرار أكثر من ألف قاضي عدم الإشراف على الانتخابات في حالة مشاركة عبد العزيز بوتفليقة. وإذا انضم عدد أكبر من القضاة، هذا يعني استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية خلال الشهر المقبل.
في الوقت ذاته، يعد موقف علماء الإسلام موقفا تنويريا، فقد رفضوا استمرار بوتفليقة وطالبوه بالانسحاب. وجاءت الضربة الثانية في المجال الديني من طرف الأئمة الذين طالبوا من الحكومة عد الضغط عليهم لصالح بوتفليقة.
وتبقى المؤسسة العسكرية من ضمن المؤسسات الاستراتيجية إن لم تكن الأهم التي بدأت تعيد النظر في موقفها. فقد شجب قائد الأركان أحمد صالح منذ أسبوعين من اعتبرهم بالمغرر بهم، أي الذين يشاركون في التظاهرات، وبعد مسيرات الجمعة الماضية تغيرت اللهجة. في هذا الصدد قال اليوم الاثنين “الجيش الجزائري ينظر إلى المصلحة العليا للبلاد نظرة شاملة وبعيدة المدى، يصبح من خلالها الوطن وديعة بين أيادِ أمينة، أيادِ تعرف للأمانة حقها وترعى للعهد حق الالتزام”. وتعد هذه التصريحات الثانية لقائد الأركان خلال يومين، عقب تصريحات الأحد في لقاء آخر مع طلاب عسكريين بنفس المدرسة، إن “هناك تعاطف وتضامن ونظرة واحدة للمستقبل، تجمع بين الجيش والشعب”.
وتنضاف هذه المكونات الى الأحزاب السياسية والنقابات التي ترفض ترشح بوتفليقة الى الانتخابات الرئاسية، وهذا يعني نهاية نظام بوتفليقة بل وبداية نهاية حتى جبهة التحرير الوطني.