تدهورت العلاقات المغربية-الفرنسية الى مستوى تجميد التعاون في مجال حساس مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، ولا تلوح في الأفق مؤشرات على تقارب بين البلدين. وتحولت اسبانيا الى منسق بين الرباط وباريس في الملفات الهامة ومنها الأمنية.
وأوردت جريدة الموندو الإسبانية في عددها أمس الجمعة وكخبر رئيسي في الصفحة الأولى الجمود الحاصل في التعاون بين المغرب وفرنسا في مكافحة الإرهاب، وذلك بعد تجميد التعاون القضائي على خلفية قرار قضاء فرنسا استنطاق مدير المخابرات المدنية المغربية عبد اللطيف الحموشي في ملفات يفترض أنها تتعلق بالتعذيب.
وحاولت الموندو الحصول على تأكيد رسمي فرنسي، إلا أن الناطق باسم وزارة الخارجية رومان نادال رفض تأكيد أو نفي هذه المعلومات. وفي المقابل، حصلت الموندو على تأكيدات من مصادر الشرطة الإسبانية والفرنسية بغياب تنسيق أمني بين المغرب وفرنسا. وقد يكون تجميد التنسيق من أسباب تهميش فرنسا للمغرب في قمة مكافحة داعش التي احتضنتها خلال سبتمبر الماضي.
وتنقل الموندو عن مصدر الشرطة الإسبانية قوله أن تجميد العلاقة لا يصب في صالح اسبانيا لأن الدول الثلاث كانت تنسق من قبل في مكافحة الإرهاب والمخدرات وسرقة السيارات الفاخرة علاوة على الهجرة. وعمليا، كان يوجد تنسيق قوي بين الدول الثلاث بحكم أن هذه الظاهر الإجرامية والإرهابية تمس أمنهم القومي. وعقدت الدول الثلاث قمم متعددة في الماضي للرفع من التنسيق الذي يبدو أنه توقف حاليا رغم وجود مخاطر.
وتكشف جريدة الموندو قيام اسبانيا بدور الوسيط في نقل المعلومات التي يحتاجها الفرنسيون من المغاربة في ملفات أمنية لأنها الدولة الوحيدة التي تطور الآن علاقات أمنية متينة مع الرباط. وتنقل تصريحات لمسؤولين أمنيين يعربون عن دهشتهم من سرعة تلبية المغاربة للمطالب الأمنية الإسبانية.
وتستفيد اسبانيا من الأزمة الفرنسية-المغربية، إذ تحولت الى شريك تجاري رئيسي للمغرب بدل فرنسا، كما أصبحت المخاطب الرئيسي للمغرب وسط الاتحاد الأوروبي علاوة على رهان الرباط على مدريد في نزاع الصحراء.
ومقابل تطور العلاقات مع مدريد، تستمر العلاقات بين الرباط وباريس في التراجع وعدم التقدم. إذ دخلت سنتها الثانية من الأزمة دون وجود مؤشرات قوية على احتمال وقوع انفراج قريب. وكانت وثيقة من الوثائق الدبلوماسية المغربية التي يسربها القرصان كولمان في موقع التواصل الاجتماعي تويتر قد كشفت عن وجود جمود حقيقي بين البلدين في مختلف المجالات.
وعجزت الطبقة السياسية في المغرب وفرنسا على تجاوز الأزمة الحالية، ويؤكد المغرب أن تجاوزها يتجلى في ضرورة إعادة نظر القضاء الفرنسي في ملاحقة مسؤولين مغاربة قضائيا في هذا البلد الأوروبي. وتعتبر حكومة باريس المطلب لا يدخل في اختصاصها وفق القوانين الحالية، وبالتالي ستستمر الأزمة.