لم تصدر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس أي إشارة لاستقبال كل من رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران وزعيم حزب الاستقلال حميد شباط للبث في النزاع السياسي بين الطرفين القائم على خلفية رغبة حزب الاستقلال الانسحاب من الائتلاف. ويستمر هذا الوضع رغم حساسية موقف المغرب اقتصاديا وسياسيا.
وكان حزب الاستقلال قد أعلن في الأسبوع الثاني من مايو الماضي رغبته في عدم الاستمرار في الائتلاف الحكومي إلا بشروط، وتوصل بمكالمة هاتفية من الملك محمد السادس الذي كان يتواجد في باريس يطالبه بالتريث حتى دخوله للبث في النزاع.
وبعد مرور شهر ونصف، وبعد عودته الى المغرب لم يبد الملك إي إشارة لحل النزاع الحكومي بل فضل القيام بتدشينات في الرباط ووجدة. ويذهب السياسيون والمقالات الصحفية في تأويل التصرف الملكي في اتجاهين، الأول ويؤكد رغبة الملك في عدم التورط في صراع حكومي ذو طابع حزبي، والثاني يتحدث عن تقليد متعارف عليه من تقاليد العمل الملكي ويتجلى في أن الملك هو الذي يبث في القضايا وفق الوقت المناسب والإيقاع الذي يعتقده وليس وفق إيقاع وأجندة الآخرين.
وتبقى الفرضية الأولى بعيدة عن الواقع بحكم أن الملك هو الذي بادر بالاتصال بحميد شباط ليحثه على البقاء في الحكومة حتى عودته. ولا يمكن للملك تجاهل الوضع الحكومي لأنه هو المرجع في قبول الوزراء من عدمه، وبالتالي لا يمكن لوزراء حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة ولا يمكن لعبد الإله ابن كيران تعيين وزراء دون استشارة الملك.
وعلاقة بالفرضية الثانية، تبقى واردة إذ تنص تقاليد القصر، وهذا ليس وليد اليوم بل من سمات المؤسسة الملكية منذ القديم، أن القصر هو الذي يحسم في الوقت المناسب لاتخاذ القرارات وفق أجندته ورؤيته وليس وفق أجندة الآخرين وهذا الأمر يتعلق بفاعلين سياسيين مغاربة وكذلك بالأجانب. وشهد المغاربة حادثا من هذا النوع، ويتعلق بزيارة رئيس الحكومة التركية طيب رجب أردوغان الى المغرب في بداية يونيو الجاري. فالزيارة لم تكن وفق أجندة القصر، إذ لم تصدر الدعوة من القصر بقدر ما صدرت من الحكومة، ولهذا لم يحدث الاستقبال الملكي للزعيم التركي. ولهذا، فلا أحد يعلم بالاستقبال الملكي لحميد شباط وابن كيران، قد يحدث اليوم أو غدا وقد يتأخرى الى أجل غير مسمى.
وفي انتظار التعديل الحكومي الذي تأخر كثيرا، يواجه المغرب تحديات كبرى أبرزها:
-الوضع الاقتصادي المقلق نتيجة تراجع الاستثمارات الأجنية وتراجع النمو وارتفاع المديوينية وارتفاع العجز المالي الذي يتسبب في ضغوطات صندوق النقد الدولي. وكان مدير بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري قد أكد الأسبوع الماضي أن الوضع السياسي الحالي لا يخدم صورة المغرب في تقييم وكالات التصنيف الائتماني للاقتصاد المغربي التي تولي اهتماما كبيرا للأوضاع السياسية.
-التحديات الدبلوماسية المتمثلة في تراجع جودة العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي وتقدم جبهة البوليساريو دوليا في نزاع الصحراء وأبرز حلقاتها الموقف الأمريكي الجديد الذي لا يصب في صالح المغرب.
-تزايد نفور الرأي العام المغربي مما يصفه “المستوى المنحط” لتبادل الاتهامات بين الأحزاب المغربية في خطاب تخلى عن المقترحات السياسية الحقيقية وينهل من مصطلحات حديقة الحيوان والغابة.