ارتفع إيقاع الاحتجاجات في مختلف مدن المغرب على الغلاء المثير لفاتورة الماء والكهرباء، حيث يعتبر المغرب الدولة الوحيدة في العالم الذي تتجاوز فيها قيمة فاتورة الماء أجور بعض المتقاعدين والعمال، وفي حالة احتساب فاتورة الماء والكهرباء يصل الأمر الى قرابة 20% من دخل الموظف المتوسط.
وبدأت مدن صغيرة ومتوسطة على طول خريطة المغرب شمالا وجنوبا تشهد خلال الأسبوعين الأخيرين تظاهرات واحتجاجات للسكان وخاصة الفقراء منهم الذين لم يعودوا يتحملون مصاريف فاتورة الماء والكهرباء.
ولا تتزعم هذه التظاهرات أحزاب سياسية أو نقابات بل فقط بعض نشطاء المجتمع المدني بعدما بدأت الساكنة تنهار نفسيا وماديا أمام غلاء فواتير الكهرباء وخاصة الماء.
وتحمل بعض أشرطة الفيديو المنشورة في شبكة يوتوب استغاتة السكان من “غول” فواتير الماء والكهرباء. وتعد بعض الحالات مثيرة للغاية بحكم أن فواتير الماء تتجاوز وما يحصل عليه بعض الأرامل وبعض المتقاعدين من راتب. ومن الحالات الصارخة توصل بعض السكان الذين يقطنون منازل صغيرة وأحيانا غرفة واحدة بفاتورة تتجاوز ألف درهم في حالة الماء.
ومن ضمن القضايا التي أصبح يجمع عليها الشعب المغربي أكثر من أي قضية أخرى في البلاد هو غلاء فاتورة الماء والكهرباء واستحالة الطبقات المسحوقة تأدية الأسعار في ظل ارتفاعها الصاروخي.
ويشكل المغرب الحالة الوحيدة في العالم حيث تتجاوز فاتورة الماء والكهرباء بعض أجور التقاعد والترمل وينتقل الى مستوى 50% من الحد الأدنى من الأجور، في حين لا يتجاوز في الدول المجاورة 10% وفي بعض الدول مثل الولايات المتحدة تقريبا لا يتم تأدية فواتير الماء في بعض الولايات.
ويدخل مشكل الماء والكهرباء الذي يعاني المغاربة منه ويدفعهم نحو الشارع في الوقت الراهن ضمن سوء التسيير الناتج عن خوصصة هذه الخدمات في بداية العقد الماضي ضد إرادة الكثير من البلديات. وكانت الدولة قد نهجت تلك السياسة في إطار الخوصصة لمواجهة بعض التحديات المالية.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر من سوء خوصصة هذه الخدمات في دول أمريكا اللاتينية والمغرب وبعض الدول الإفريقية في تقرير له سنة 2003.
وكانت بعض دول أمريكا اللاتينية تعيش خلال السنوات الماضية ما يعاني منه المغرب حاليا مع الماء والكهرباء، لكن وصول سياسية يسارية الى دول مثل بوليفيا والأكوادور جعلها تعيد النظر في ملف الماء والكهرباء وتبني سياسة اجتماعية حقيقية بإعادة تأميمه وجعله من ضروريات ما يجب على الدولة أن توفره للمواطنين بأسعار معقولة.