قدم مكتب الإحصاء الأوروبي أوروستات خلال الأسبوع الجاري أرقاما تخص المهاجرين الذين حصلوا على جنسية دولة من الدول الأوروبية التي يقيمون فيها خلال سنة 2012. وجاء المغاربة في المركز الأول، حيث تحولت الجنسية بالنسبة لهم صمام أمان ضد التقلبات السياسية ومنها صعود القوى اليمينية المتطرف التي تهدد بترحيل المهاجرين والتقليص من عددهم.
وحصل أكثر من 800 ألف مهاجر مقيم في الاتحاد الأوروبي على جنسية دولة من الدول المكونة لهذا التجمع. وجاء المغاربة في المرتبة الأولى بقرابة 60 ألف أصبحوا مواطنين أوروبيين جدد. وبهذا يتجاوز عدد المغاربة الحاملين للجنسية في مجموع الاتحاد الأوروبي مليون مغربي، وهو رقم تقديري.
وهذه النسبة عادية للغاية اعتبارا لحجم الجالية المغربية الأكثر عددا في الاتحاد الأوروبي مقارنة مع باقي الجنسيات الأخرى. لكن العدد وحده لا يفسر الإقبال الكبير للمهاجرين المغاربة علىالجنسية الأوروبية خاصة خلال السنوات الأخيرة، بل توجد أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية.
وفي البدء، كان المهاجرون المغاربة من الجيل الأول يرفضون الجنسية لاعتقادات دينية بأن من حصل على الجنسية فقد ارتمى في أحضان “النصارى” أو خان الوطن، لكنه سيتم التخلي عن هذا التفكير وبدأ الجيل الثاني يراهن على الجنسية الأوروبية بشكل مكثفة.
ويقول سعيد العمراني وهو ناشط حقوقي وسياسي “والدي رحمه الله، عاش أكثر من خمسة عقود في أوروبا، ولم يطلب الجنسية نهائيا، لكنني أنا طلبت الجنسية البلجيكية شأني شأن باقي الأجيال اللاحقة من المهاجرين المغاربة”.
ويبرز سعيد العمراني الجانب المهم في الجنسية وهو “تسهيل المساطر الإدارية سواء في المغرب أو في اسبانيا، كما تساعد على الحصول على وظيفة إدارية والاندماج السياسي والرقي الاجتماعي”.
وعمليا، تعتبر بلجيكا من الدول التي سهلت الحصول على الجنسية لمهاجريها، واستفاد المغاربة كثيرا، ويرى سعيد العمراني في تصريحات لألف بوست “الحصول على الجنسية البلجيكية والاندماج السياسي يفسر لماذا نجح المغاربة في الدخول الى الوظيفة العمومية في بلجيكا وكذلك الوصول الى مناصب عليا منها وزارات ومناصب سامية، والأمر يتكرر في هولندا”.
ويطرح الصحفي والباحث زهير الوسيني من إيطاليا إشكالا آخر في حواره مع ألف بوست، ويقول “يقبل المغاربة بشكل مكثف على الجنسية الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بالتزامن مع ارتفاع قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة”. ويضيف موضحا “الظاهرة تلاحظ في دول مثل فرنسا وهولندا لأن قوى مثل الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين أصبحت لها حظوظ للوصول الى الحكم، وبالتالي قد تعمد على تغيير قانون الجنسية نحو التشدد وتفرض قانون أجانب متشدد سيهدد حتى المغاربة الذين يقيمون في فرنسا منذ عقود لم يتجنسوا”.
ويجمع المغاربة نشطاء الهجرة أن الظروف والتطورات السياسية ومنها الإرهاب والبطالة والتوظيف السياسي للهجرة بدأت تجعل الحصول على الجنسية بالنسبة للمهاجرين الجدد أمرا صعبا للغاية.