كشف القاضي محمد عنبر في ندوة صحفية يومه الأربعاء بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن المشاكل التي يعاني منها ناتجة عن مساره النضالي من أجل استقلال القضاء، وهو ما يقلق وزير العدل مصطفى الرميد علاوة على الإدلاء برأيه منتقدا ملف إيقاف التعاون القضائي بين المغرب-وفرنسا مما جعل أطراف منها العدل والمخابرات والداخلية تلاحقه بهذه الطريقة. واعتبر القرار بمثابة تشجيع مدير المخابرات المدنية عبد اللطيف الحموشي على الافلات من العقاب.
وهذه الندوة تعتبر استثنائية في تاريخ القضاء المغربي، حيث يمتلك قاضي الجرأة للكشف عن الكثير من الأشياء. وبدأت الندوة بقراءة محمد عنبر القاضي ورئيس الغرفة بمحكمة النقض نصا أعده باللغة العربية والفرنسية يسرد فيه ما وقع له من تجاوزات يوم 10 سبتمبر الجاري على يد بعض الأطراف في الدولة المغربية ومنهم وزير العدل مصطفى الرميد.
وبعد تطرقه الى كيفية اعتقاله في اليوم المذكور بعدما أراد الالتحاق بمقر عمله في محكمة النقض واستنطاقه في مركز للشرطة في خرق خطير لحقوقه، حيث لم يتم الأخذ بعين الاعتباره صفته قاضيا (انضر نص الورقة في الأسفل)، كشف محمد عنبر عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه التعسفات المتسلسلة.
في هذا الصدد، يعتبر السبب الرئيسي وراء المحنة التي يعيشها والملاحقة التي يعاني منها هو مشاركته في ورشة عمل مع قاض فرنسي حول تجميد المغرب لاتفاقية التعاون القضائي بين الرباط وباريس بعد قرار قضاء فرنسا متابعة مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي في ملفات تتعلق بالتعذيب. ويذكر أ، قضاء فرنسا كان سيعتقل مدير المخابرات يوم 20 فبراير الماضي بتهمة تعذيب مواطنين فرنسيين من اصل فرنسي.
ونفى في تصريحه الطابع السياسي حول اتفاقية التعاون مع فرنسا قائلا ” إذا كان الرميد يعتبر تصريحي عن تعليق للاتفاق القضائي مع فرنسا تدخلا في السياسية فلماذا لم يقل نفس الشيء عندما قام أعضاء من الحقل القضائي بالتنديد بمشروع إسناد مراقبة حقوق الإنسان للمينورسو؟”.
وفي تصريحاته خلال الندوة ركز كثيرا على ملف الحموشي قائلا ” القضاء العالمي يدعم بعضه بعضا و استدعاء السيد الحموشي من طرف القضاء الفرنسي يدعمنا نحن، لأن القضاء المغربي عير قادر على استدعاء الحموشي وأمثاله ، والقضاة المغاربة تشب ركبهم عند الحديث عن توقيف اتفاقية التعاون القضائي مع فرنسا”.
واتهم الحكومة بعدم تطبيق الدستور مشيرا الى أن “معالجة قضية الحموشي بتوقيف التعاون القضائي مع فرنسا تكريس للإفلات من العقاب وتعطيل لمبدئ ربط المسؤولية بالمحاسبة وكأنها تقول للحموشي “زيد اخرق القانون”.
وكشف أن الملك رفض التوقيع على قرا عزله مرتين، لكن الرميد أصر على العزل وكأن الملك يقول للوزير “إذا لم تستحي فافعل ما شئت”.
نص تصريح القاضي محمد عنبر
بسم الله الرحمان الرحيم
الندوة الصحفية الخاصة بمحمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ونائب رئيس نادي قضاة المغرب لما تعرض له من انتهاك لحريته الشخصية والاحتجازالتحكمي والاختطاف من أمام مقر عمله بمحكمة النقض والمس باستقلاليته كقاضي والتعذيب النفسي لجميع افراد عائلته.
الرباط 24شتنبر 2014
تصريح صحافي
السيدات والسادة ممثلات وممثلي الهيئات الصحافية ووسائل الإعلام،
السيدات والسادة ممثلي الهيئات الدبلوماسية ،
الأصدقاء والصديقات ممثلي الهيآت الحقوقية والنقابية والجمعوية الحاضرة ،
بإسمي الشخصي وبإسم الجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب وتنسيقية محكمة النقض،يسعدني أن اولا أن اشكر الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي فتحت لي مقرها لعقد هذه الندوة الصحفية وساعدتني ودعمتني في تهييء كافة الإجراءات لنجاحها ،كما ارحب بكم واشكركم على تلبية هذه الدعوة المخصصة لما تعرضت له صباح يوم الأربعاء 10شتنبر 2014 من إنتهاك لكرامتي واستقلاليتي كقاضي بمحكمة عليا((رئيس غرفة بمحكمة النقض)) بالمملكة المغربية و إحتجاز تحكمي من طرف السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة الداخلية ووزارة العدل.
إذ قام رئيس الدائرة السادسة لأمن العمومي لحي الرياض بالرباط ،وذلك على إثر منعي من حارسين تابعين لإدارة السجون من ولوج محكمة النقض لممارسة عملي القضائي كرئيس غرفة بمحكمة النقض .
وتم إبعادي عن المحكمة من طرف ستة عناصر من الأمن وحارسين من إدارة السجون ،برفعي من إطرافي الأربعة ورمي بسيارة الأمن ،وتم اقتيادي حوالي الساعة العاشرة صباحا للدائرة السادسة بحي الرياض وتم حرماني من أي اتصال بالعالم الخارجي ، وفي الساعة الواحدة ظهرا تقريبا تم اقتيادي لولاية امن الشرطة القضائية دون أن يتم التكلم معي بأي شيء،وعند ولوجي لمكتب رئيس الشرطة القضائية طبعا في حالة احتجاز وبحضور رئيس دائرة حي الرياض سألني رئيس الشرطة القضائية هل اريد أن أصرح له بشيء عما حدث فرفضت الإدلاء بأي تصريح مذكرا إياه بمقتضيات المادة 264 من قانون المسطرة الجنائية .
فتم ادخالي لمكتب احد عمداء الشرطة وتناوب على حراستي عدة عناصر للحراسة ،فلم اكن اقضي حاجاتي الطبيعية إلا بمرافقتهم ،ورغم طلباتي المتكررة لهم بالاتصال بعائلتي لم افلح في ذلك ،وفي حدود الساعة الخامسة مساءا سألني رئيس الشرطة القضائية فيما إذا كنت أريد أن أصرح له بشيء عن الحادثة فرفضت مرة اخرى ، وفي الساعة الثامنة تم إقتادي لمحكمة الاستئناف بالرباط ،دون اعتبار تمتعي بالحصانة القضائية لأفاجئ بكون الوكيل العام للملك يريد أول ما يفتح معي النقاش أن يسلمني قرار ،اطلعت على عنوانه فقط فرفضته (( من وزير العدل إلى السيد محمد عنبر قاضي من الدرجة الاستثنائية مكلف بمهمة نائب الوكيل العام للملك……..)) بعلة انه لايعنيني لكوني رئيس غرفة بمحكمة النقض ولم يسبق أن سجلت التحاقي أو عملت بالنيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط.ورفضت أن أصرح له بأي شيء حول الواقعة طبقا لنص المادة 264من قانون المسطرة الجنائيةولكون الاجراءات الماسة بحرياتي التي يمارسها تدخل ضمن خانة الفصل 225 من قانون الجنائي وما بعده((كل قاض ،أو موظف عمومي ،أو احد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملا تحكميا ،ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر …)) ،بحضور ثلاثة اساتذة أفاضل من هيئة المحامين بالقنيطرة والرباط ،فأخلي سبيلي على الساعة التاسعة ونصف في استقبال كبير من طرف القضاة أعضاء النادي والكاتب العام للنقابة الوطنية للعدول وافراد عائلتي.
- الواقعة تؤشر على عدة معطيات سلبيية وانتهاكات في مجال حقوق الانسان بصفة عامة:
- عدم الاخد بعين اعتبار لأية ضمانات قانونية لرجال القضاء خاصة المادة 264من قانون المسطرة الجنائية مما يجعل واقع التعليمات يتحكم في حقوقهم وحرياتهم بشكل واسع ودون مرجعية مشروعة .
- إنعدام أية رقابة علنية لواقعة الاحتجاز في إدارة الشرطة ، مع إتباع التعسفات بحجب المعلومة على اية وسيلة للإعلان وقطع التواصل مع العالم الخارجي في جو يسوده السرية والكتمان ،وفرضه على العاملين التابعين لإدارة الشرطة ليبقى لواقع التعليمات مجال واسع للتعسف .
- تغطية او التستر على مصدرواقع التعليمات بالضبابية والغموض حتى يصعب أو يستحيل تحديد المسؤولية الطرف المحرك الأساسي لعملية الاحتجاز بمشاركة طبعا قضاة النيابة العامة حتى لايمكن التعرف من اية جهة صدرت التعليمات هل من القضاة أم من الشرطة؟
- إنعدام أية آلية للرقابة على هذه الاعمال يعطي لأصحابها مجالا واسعا للتعسف والحماية من أية مسائلة مستقبلية .
- عجزي كقاضي على فرض إحترام القانون وتعرضي للإهانة يجعلني في نظر المجتمع غير قادر على حماية حقوقه وحرياته ،وهذا هو هدم استقلالية السلطة القضائية وتقويض احد أهم ركائزها مما يجعلها ضعيفة وغير عادلة .
- الأسباب الغير المباشرة الدافعة لهذه الواقعة
- منذ إقرار دستور فاتح يوليوز 2011ساهمت في تأسيس جمعية نادي قضاة المغرب كجمعية ساهمت في فضح الحرس القديم في القضاء الذي يستفيذ من الريع القضائي.
- السهر على تقديم دعوى ضد وزير الداخلية السابق بسبب الشطط في استعمال السلطة وخرق مقتضيات الفصل 111 من الدستور الذي يعطي للقضاة الحق في تأسيس جمعيات مهنية .
- تنظيم احتجاجات ووقفات لأول مرة في تاريخ المغرب بالبدل امام محكمة النقض وأمام وزارة العدل من طرف قضاة النادي
- المساهمة الفعالة والجادة في النقاش حول استقلال النيابة العامة ليس فقط عن عضو الحكومة المكلف بالعدل بل أيضا عن السلطة التنفيذية ككل.
- معارضة المسودتين الكارثيتين المتعلقتين بالقانونين التنظيميين للسلطة القضائية وتنظيم وقفة كانت ستكون أمام مقر وزارة العدل منعت من طرف الادارة الداخلية .
- توزيع مطبوع يتضمن مشروع مسودة القانون التنظيمي للسلطة القضائية على المحاكم والمؤسسات التشريعية والوزارية وعلى الجمعيات الحقوقية والمدنية من انجاز تنسيقية محكمة النقض لنادي قضاة المغرب .
- السبب المباشرة لهذه الواقعة
ü إستدعائي من طرف قاضي الاتصال الفرنسي لورشة عمل حول (( اصلاح العدالة بالمملكة المغربية )) يوم 6ماي 2014 تمت مناقشة نقطة قرار وقف اتفاقية التعاون القضائي المغربي الفرنسي ،إثر الشكاية الموجهة ضد رئيس المخابرات المغربية بشأن التعذيب ، وخروجي للصحافة وتوضيح تأثير وقف تلك الاتفاقيات على طلبات بعض السجناء الفرنسيين الذين يريدون قضاء ما تبقى من عقوبتهم في السجون المغربية ببلدهم فرنسا وكذا التنازل على تسلم مطلوبين للعدالة المغربية رغم قبول محكمة النقض الفرنسية للطلبات المتعلقة بها .
و هذه الانتكاسة الحقوقية وعدم احترام القانون من طرف المكلفين بذلك ينم على انني كقاضي بمحكمة النقض اصبحت عاجزا على حماية حريتي وحقوقي الشخصية وبالأحرى أن احمي حقوق المواطنين ، فهذا مس خطير باستقلاليتي من طرف الأجهزة المخابراتية في زمن ننشد في تأسيس السلطة القضائية واستقلاليتها على باقي السلط خاصة السلطة التنفيذية .
لذا احمل مسؤولية ما وقع للدولة المغربية ممثلة في الحكومة المغربية ووزارة الداخلية ووزارة العدل والرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط .
- المطالب
ü اطالب الدولة المغربية أن تتحمل مسؤوليتها بحماية شخصي واستقلاليتي كقاضي بمحكمة النقض ،وان تجري تحقيقا نزيها شفافا حول هذه الواقعة وترتيب المسؤولية ضد كل من تبت في حقه هذه الجريمة .
ü أن تعلن نتائج البحث للراي العام الوطني والدولي عن طريق وسائل الاعلام ردا لإعتبار وهيبة السلطة القضائية في ذهن المواطن المغربي .
وختاما اجدد شكري للجمعية المغربية لحقوق الانسان على تضامنها ودعمها لقضيتي واجد كذالك شكري لجميع الحاضرين ، وان النقاش الذي سيفتح سيدقق في عدة وقائع ،والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .