الجزائر ـ ‘القدس العربي’: يتواصل غياب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن أداء مهامه بسبب المرض، بعد ثلاثة أيام من نقله إلى مستشفى فال دوغراس العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس، ومعه تتزايد الأسئلة والإشاعات حول وضعه الصحي وحول الطريقة التي يتم بها ‘تسيير’ هذه المرحلة، رغم المحاولات المتكررة من السلطات لطمأنة المواطنين والحد من قلقهم.
إذا عدنا إلى بداية هذه ‘الأزمة’ فإننا يمكن أن نلاحظ أن السلطات سارعت بالإعلان عن مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حتى قبل أن تبدأ الإشاعات في الرواج، علما أن الرئيس سبق وأن أخضع إلى العلاج في عدة مستشفيات أكثر من مرة، وطال غيابه لأكثر من53 يوما في صيف 2006، دون أن تكلف السلطات نفسها عناء إبلاغ الرأي العام بذلك، بل إن رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم لما ألح الصحافيون عليه بالسؤال، لم يجد ما يقوله سوى: ‘ ألا يحق للرئيس أن يأخذ عطلة مثل بقية الناس′.؟!
ولكن الأمر اختلف هذه المرة، فالسلطات استبقت الجميع بالإعلان عن مرض الرئيس، وكان ذلك في النشرة الرئيسية للتلفزيون الرسمي، الغريب هو أن البيان الذي قرىء في نشرة الثامنة مساء لم توقعه رئاسة الجمهورية، ولا حتى رئاسة الوزراء، بل هو برقية لوكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) التي قال بوتفليقة يوما إنه رئيس التحرير الفعلي لها، في إشارة إلى سيطرته على الإعلام الحكومي، والبرقية نقلت الخبر عن مصدر طبي.
علامة الاستفهام الثانية للبرقية الأولى ذكرت أن الرئيس أدخل المستشفى في حدود منتصف نهار يوم السبت، وفي ذلك الوقت كان عبد المالك سلال رئيس الوزراء في زيارة عمل إلى ولاية بجاية (240 كيلومترا شرق العاصمة) وواصل سلال زيارته حتى حوالى الساعة السابعة والنصف مساء، وأثناء إشرافه على اجتماع مع منظمات المجتمع المدني دخل شخص ووضع أمامه ورقة صغيرة، خرج بعدها مسرعا، وعاد بعد دقائق ليبلغ الحضور أن عليه العودة إلى العاصمة حالا، لأن الرئيس مريض، وبالتالي فإن السؤال المطروح هو هل كان سلال يجهل أن بوتفليقة أصيب بجلطة دماغية عابرة، أم أنه كان يعلم والوضع لم يكن خطيرا، لذلك واصل زيارته، ولكن لما تعقدت الأوضاع وتقرر نقله إلى باريس اضطر سلال للعودة إلى العاصمة في أسرع وقت ممكن.
ملاحظة أخرى تتعلق بالطبيب المعالج للرئيس وهو البروفيسور رشيد غربال، الذي ظهر فجأة إلى وسائل الإعلام، ولم يتوقف عن الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، والتي لم تخرج عن إطار التأكيد على أن الرئيس بخير، وأن الجلطة الدماغية العابرة لم تترك أي آثار عليه، وأن وظائفه الحسية تشتغل بشكل جيد، وواصل البروفيسور غربال الذي لم يكن معروفا لدى الرأي العام، ولا معروفا بأنه طبيب للرئيس، ولجوء هذا الأخير إلى مستشفى الطب الرياضي بدلا من المستشفى العسكري بعين النعجة يطرح أيضا تساؤلات كثيرة، فضلا عن أن الطبيب واصل الإدلاء بتصريحاته حتى بعد أن نقل بوتفليقة إلى باريس من أجل العلاج في مستشفى فال دوغراس، مع أنه لما تعرض إلى وعكة صحية في نهاية 2005، كان الطبيب المعالج هو البروفيسور مسعود زيتوتي، والذي رافق الرئيس في رحلة علاجه الباريسية، وخلال فترة النقاهة التي أشرف عليها.
الصحف من جهتها تنشر أخبارا متناقضة، فبعضها يؤكد أن بوتفليقة نقل مباشرة إلى باريس، دون أن يدخل أي مستشفى في الجزائر، في حين أن بعضها الآخر يصر على أن بوتفليقة لم ينقل إلى باريس حتى آخر لحظة، وأنه كان يلح على العلاج في الجزائر، وأن البروفيسور بوغربال هو من أصر على أن يسافر من أجل إجراء تحاليل تكميلية، والأغرب أن البرفيسور نفسه قال في صحيفة أنه لا يعلم متى سيعود الرئيس إلى أرض الوطن، وفي صحيفة أخرى ذكر أن بوتفليقة سيعود بعد أسبوع.