إقالات واسعة في الرئاسة والجيش تؤشر على خريف الغضب في الجزائر

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة

 أعلن في الجزائر عن إقالات واسعة وغير مسبوقة على مستوى الرئاسة والجيش، نشرت في الجريدة الرسمية، دون أن يتم الكشف عن الأسباب الحقيقية لهذه الحملة الواسعة التي شملت مجموعة من المستشارين والمسؤولين على مستوى رئاسة الجمهورية، والتي يتردد أنها تأتي في إطار خريف غضب، على اعتبار أنها سابقة خلال 15 عاما من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
الجريدة الرسمية التي صدرت أمس الأول ذكرت أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقع مراسيم إقالة عدد من كبار المستشارين بالرئاسة، وفي مقدمة هؤلاء اللواء المتقاعد محمد تواتي مستشار الرئيس لشؤون الدفاع، والذي قضى في منصبه أكثر من 13 عاماً، ورغم أن اللواء تواتي الذي يسمى «المخ»، والذي كان أبرز قادة المؤسسة العسكرية خلال تسعينيات القرن الماضي غادر الجيش رسميا منذ سنوات، إلا أنه حافظ على منصبه في الرئاسة كمستشار للرئيس، وهو منصب يختلف عن مستشار بالرئاسة الذي يوجد منه العشرات.
ويعتبر اللواء تواتي أكثر العسكريين قربا من السياسة واحتكاكا بها، بدليل أنه لعب دورا بارزا في لجنة الحوار الوطني سنة 1994، وهي اللجنة التي أفضت إلى تعيين الجنرال اليامين زروال رئيسا للدولة بعد انتهاء ولاية المجلس الأعلى للدولة ( الهيئة الرئاسية الخماسية التي تم تعيينها بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد) والتي كان من المفترض أن يصل عبرها عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، لكنه تراجع في آخر لحظة ورفض العرض المقدم له، مع العلم أن الجزائر كانت تعيش ظروفا سياسية واقتصادية وأمنية عصيبة، وقبل المسؤولية وزير الدفاع آنذاك الجنرال اليامين زروال.
ولما أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2011 عن إصلاحات سياسية، وقرر تشكيل لجنة للمشاورات مع الأحزاب والشخصيات والمنظمات والجمعيات، كان اللواء تواتي أحد أعضاء هذه اللجنة إلى جانب عبد القادر بن صالح رئيس البرلمان، ومحمد علي بوغازي مستشار بالرئاسة، والذي كان الناطق باسم اللجنة.
وشملت حملة الإقالات أيضا السعيد بوالشعير مستشار الرئيس للشؤون القانونية، والذي قضى في هذا المنصب أكثر من تسع سنوات، ويعتبر بوالشعير واحدا من أبرز أساتذة القانون الدستوري في الجزائر، وقد سبق له وأن شغل منصب رئيس المجلس الدستوري، وهو الرجل الثالث في الدولة بحكم الدستور الجزائري، كما سبق له وأن تولى الإشراف على الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية التي جرت ما بين 2002 و2007، لكن الانتخابات البرلمانية التي أشرف عليها عام 2007 كانت الأخيرة، بسبب ما جرى خلالها، إذ فاجأ بوالشعير الجميع بإرساله تقريرا مستعجلا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ساعات قليلة بعد فتح مكاتب الاقتراع، يتحدث فيه عن تزوير صارخ وفاضح، تورط فيه وزراء في الحكومة، لم يتحرج رئيس لجنة مراقبة الانتخابات من ذكرهم بالإسم.
هذا التقرير أثار جدلا واسعا، وفي اليوم التالي عند إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، التي حصد فيها الحزب الحاكم ( جبهة التحرير الوطني) الأغلبية، وجد وزير الداخلية الأسبق يزيد زرهوني نفسه محاصرا بأسئلة الصحافيين بخصوص تقرير بوالشعير الذي يتهم فيه الحكومة والإدارة بالتزوير الشامل، ولم يجد زرهوني ما يقوله سوى التعليق ساخرا بنوع من التعالي»: بوالشعير تسرع وقد اعتذر بعد ذلك»، في اليوم التالي جاء رد رئيس اللجنة مدويا على صدر صفحات جريدة «الخبر»:» لم ولن أعتذر»، وقد جرت خلال ذلك اليوم مكالمات حادة بين السعيد بوالشعير ورئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم ( زعيم جبهة التحرير) بخصوص التزوير.
كما أنهى الرئيس بوتفليقة مهام كل من أمين حربي المستشار لدى الرئيس، وعلي دريس مكلف بمهمة برئاسة الجمهورية، ويمينة رمضاني مديرة دراسات برئاسة الجمهورية، والطيب درقين نائب مدير مكلف بالدراسات لإحالتهم على التقاعد.
وذكرت الجريدة الرسمية أن الرئيس أنهى مهام مسؤولين عسكريين وفي مقدمة هؤلاء العميد عبد القادر عوالي بصفته رئيسا لأركان الحرس الجمهوري، والعميد عبد القادر بن زخروفة رئيس أركان الناحية العسكرية الأولى، والسعيد زياد رئيسا لأركان الناحية العسكرية الخامسة، كما تأكد رسميا إقالة عبد الحمد زرقين رئيس مجلس إدارة شركة سوناطراك النفطية، الذي تسرب خبر إقالته منذ أسابيع.
وتأتي سلسلة التغييرات والإقالات، دون أن يصاحبها إعلان عمن سيخلف المستشارين والمسؤولين الذين تمت إقالتهم، تماما مثلما هو الأمر بالنسبة لمستشارين ومسؤولين آخرين تمت إقالتهم من الرئاسة قبل ذلك بقليل، مثل السكرتير الخاص للرئيس محمد روقاب، والمستشارين بالرئاسة محمد مقدم ورشيد عيسات.
كما تأتي هذه التغييرات في إطار «إشاعات» عن قرب إجراء تغيير حكومي موسع، يشمل عدة وزارات في حكومة عبد المالك سلال.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password