أقدمت الجزائر على تأجيل زيارة وزيرة الخارجية الإسبانية الى الأسبوع الأول من الشهر المقبل، وهو ثان تأجيل للزيارة، الأمر الذي يدل على عدم رضى الجزائر على دبلوماسية مدريد لاسيما في ظل النزاع الصمت الذي نشب مؤخرا حول الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط.
وكانت وزيرة الخارجية أرانشا غونثالث لايا قد برمجت زيارة الى الجزائر نهاية يناير الماضي ومباشرة بعد زيارتها الى العاصمة الرباط، لكن السلطات الجزائرية ألغت الزيارة في آخر ساعة، وجرى الاتفاق على غد الأربعاء.
وعلى بعد يومين من هذه الزيارة، توصلت وزارة الخارجية ليلة الاثنين ببرقية من نظيرتها الجزائرية تخبرها بتأجيل الزيارة الى يوم 4 مارس المقبل، الأمر الذي يخلف قلقا في مدريد لأنه يكسر مخطط الخارجية الحالي لتقوية العلاقات مع المغرب والجزائر وتونس في المرحلة الحالية لتنتقل لاحقا الى منطقة الساحل.
وكانت وزيرة الخارجية تنوي طرح مجموعة من الملفات ومنها مكافحة الهجرة بعدما تحولت الى مصدر رئيسي للهجرة السرية التي تصل الى شواطئ اسبانيا المتوسطية، ثم العمل على تقوية العلاقات الاقتصادية لاسيما وأن اسبانيا تستورد 50في المائة من الغاز من هذا البلد المغاربي. ومن ضمن الملفات الشائكة التي كانت مبرمجة في الزيارة، ملف الحدود البحرية بعدما أقدمت الجزائر على ترسيم حدودها البحرية ويفترض أنها ضمت مياه جزر الباليار المتوسطية الى ممتلكاتها البحرية، وهو ما يؤدي الى اعتراض مدريد.
وحصلت جريدة القدس العربي على مصادر سياسية اسبانية تنسب التأجيل الأول الى رفض الجزائر أن تأتي في مرتبة ثانية في الزيارة بعد المغرب. بينما السبب الثاني قد يكون مرتبطا بما تعتبره الجزائر تعرضها لحملة إعلامية قوية في الصحافة الإسبانية بعدما طفى الى السطح ملف الحدود البحرية، ولم ترى الجزائر بعين الارتياح تصريحات الوزيرة عندما قارنت بين المغرب والجزائر في مشكل المياه قائلة في ندوة صحفية الأسبوع الماضي “توجد لدى المغرب رغبة في تحديد المياه، بينما المرسوم الجزائري الذي يعود إلى سنتين يتضمن تصوراً حول كيفية تحديد المياه الإقليمية”.
ومن جهتها، نشرت جريدة كونفدنسايل تبريرا آخر ينسب تأجيل الزيارة الى احتجاج الجزائر بطريقة صامتة على دعم اسبانيا للمغرب في نزاع الصحراء. وهو احتمال وارد من الاحتمالات بحكم تحرك الجزائر مؤخرا ضد ما حققه المغرب من تقدم في الملف خاصة فتح قنصليات في مدن الصحراء. وكانت الجزائر قد استدعت سفير ساحل العاج بسبب فتح بلاده قنصلية في العيون.
وكانت مدريد قد نجحت خلال السنوات الماضية في إحداث توازن في علاقاتها مع المغرب والجزائر، ولم تعد تميل الى أي بلد بقدر ما تعزز العلاقات الاقتصادية على حساب السياسية لتفادي المشاكل. لكن يبدو أن الجزائر تعتقد في الاخلال بهذا التوازن مع الحكومة الجديدة بقيادة الاشتراكي بيدرو سانتيش، الأمر الذي يدفعها الى توجيه إنذار الى مدريد من خلال تأجيل الزيارة.