ارتفعت وتيرة الحكم على مسؤولين سابقين في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وشملت رؤساء حكومات ومدراء مخابرات ، وفي المقابل ترغب السلطة في إبداء ليونة تجاه ناشطي الحراك الشعبي بعدم تنفيذ اعتقالات واسعة علاوة على العفو على المعتقلين.
في هذا الصدد، أصدر القضاء الجزائري خلال هذا الأسبوع أحكاما بالسجن على عدد من المسؤولين السابقين، وشملت كل من رئيسي الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ب 12 سنة سجنا بتهم الفساد وخيانة الأمانة والإساءة الى البلاد. في الوقت ذاته، جرى الحكم على ثمانية وزراء سابقين بتهم الفساد.
كما شملت الأحكام سابقا عسكريين كانوا يتحكمون في مصير البلاد مثل مدير المخابرات الجنرال توفيق مدين ورجال أعمال كبار كانوا يشكلون رمزا لاقتصاد الريع في الجزائر وعلى رأسهم علي حداد الذي كان أغنى رجل أعمال ولكن عبر الفساد. ومن أبرز المعتقلين المدانين سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس بوتفليقة الذي يعد عراب الفساد في البلاد.
وفي المقابل، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأربعاء من الأسبوع الجاري عفوا عن 6 من معتقلي الحراك الشعبي الأربعاء، ويتعلق الأمر بكل من رياحي مليك، وعلال نصر الدين، وبحلاط الياس، وشداد جلول، وداود جيلالي، وخاضر حسين”. وهذه الأسماء الستة لنشطاء أوقفوا خلال مسيرات الحراك قبل أشهر، وصدرت بحقهم أحكام نهائية بالسجن. وكان اعتقالهم قد تسبب في موجة من التنديد داخل الجزائر وخارجها. ورغم استمرار الحراك الشعبي أكثر من سنة، كانت الاعتقالات محدودة في صفوف النشطاء ويجري الآن الافراج عن الأغلبية.
وينقسم الرأي العام الجزائري والمراقبين الدوليين حول التطورات التي تشهدها الجزائر، فمن جهة، هناك المشككون الذين يعتبرون ما يجري هو مسرحية للالتفاف حول مطالب الحراك الشعبي التي قد تعود بانتهاء كورونا فيروس التي تعصف بالبلاد. وبالتالي يجري الحديث عن استراتيجية استباقية ليس إلا، وبدأت تتبلور طبقة جديدة من المنتفعين في السلطة.
وفي الطرف الآخر، قسم يعتقد في نضج السلطات الجزائرية بأن الأمر يتعلق بإصلاح حقيقي بعدما تأكد المسؤولون أن الفساد يشكل البوابة التي تسبب في انهيار الأنظمة والدول وتجعل جزء من المسؤولين عملاء للدول التي يخبؤون فيها ممتلكاتهم. علاوة على أن الأزمة الحالية لا تسمح نهائيا بمزيد من الفساد تفاديا لغضب الشعب. ويستشهدون بأن عدد من المسؤولين الجدد غير متورطين في الفساد وتجري عملية إقالة آحرين وربما محاسبتهم بشكل تدريجي. وما تشهده الجزائر قد يعني التحاقها مغاربيا بتونس في محاربة الفساد الذي هيمن على السلطة.