افتتاحية: تصريحات وزير خارجية إسبانيا السابق تتطلب القطع مع تصريحات دبلوماسية النفاق

اتهم وزير الخارجية الإسباني السابق خوسي مانويل غارسيا مارغايو المغرب بابتزاز اسبانيا بقوارب الهجرة كلما توترت الأوضاع، وتتفادى الدولة الرد على هذا المسؤول، ثم أن مثل هذه التصريحات تطرح علامات استفهام على التصريحات البروتوكولية التي تتغنى بها الدولة والإعلام الرسمي والموالي لها.

وكان وزير الخارجية السابق مارغايو يحظى  باهتمام كبير من طرف الرباط الى مستوى أنه رخصت له بالدخول عبر مليلية المحتلة، في قرار لا سابقة له، لكي يترحم على الجنود الإسبان الذين سقطوا في الريف إبان الحروب الإسبانية-المغربية.ويعد جد أب هذا الوزير هو الجنرال مارغايو الذي لقي حتفه في المعركة الشهيرة مارغايو في التسعينات من القرن التاسع عشر بضواحي مليلية في مواجهة الريفيين.

وفي تصريحات خلل الأيام الماضية، اتهم هذا الوزير السابق، الذي يشغل الآن منصب عضو في البرلمان الأوروبي، المغرب باستعمال الهجرة كأداة للضغط على اسبانيا  في الكثير من المناسبات. واستشهد بحادث اعتراض دورية للحرس المدني للملك محمد السادس في مياه سبتة المحتلة، ويؤكد الوزير السابق كيف سمح المغرب بسبب هذا الحادث بعشرات قوارب الهجرة تنطلق كرد فعل نحو شواطئ اسبانيا.

وكان هذا الوزير يثني على المغرب في مناسبات متعددة بأنه يتعاون في مكافحة الهجرة، ولكن في معظم مذكرات المسؤولين الإسبان وعندما ينسحبون من كراسي المسؤولية يتحدثون عن واقع مختلف، أي توجيه انتقادات للإدارة المغربية.

وتوجد أمثلة من دول أخرى، فقد أشاد الفرنسيون بدور المغرب في مكافحة الإرهاب، ومن ضمن التناقض هو ما جاء في مذكرات مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية بيرنارد باجوليت منذ سنة ونصف بأن الوسام الذي منحته فرنسا الى مدير الاستخبارات والشرطة المغربية عبد اللطيف الحموشي لا يستحقه نهائيا. ويأتي التقييم من طرف مدير استخبارات دولي. وكانت الجريدة الرقمية 360 قد تناولت هذا الموضوع سنة 2018.

وتصريحات الوزير السابق أو مدير الاستخبارات الفرنسية ضمن أمثلة أخرى كثيرة تطرح إشكالية التعاطي مع هذه التصريحات من طرف الدبلوماسية المغربية والاعلام المغربي. إذ يتم تقديم كل تصريح بروتوكولي بمثابة شهادة حسن السلوك في حين أن الأمر يتعلق بنفاق متعارف في العلاقات الدولية. ولهذا، تتجنب الكثير من الدول الاهتمام بالتصريحات البروتوكولية ولا تعطيها أي أهمية لأنها تبقى نفاق دبلوماسي. ومن ضمن مساوئ الدبلوماسية المغربية أو الدولة هو استصدار تصاريح من مسؤولين يزورون المغرب لكي يثنون على ما يمسى المسلسل الديمقراطي، وهي من الجمل التي أصبحت ثابتة من شعار البلاد، اي المسلسل الذي لا ينتهي.

في غضون ذلك، تغيب هذه المجاملة عندما يطلب المغرب قروضا من صندوق النقد الدولي، حيث يتم فرض شروط مهينة مثل خط الائتمان أو عندما تقوم مؤسسات بتقييم التجربة المغربية في التنمية مثل تقارير الأمم المتحدة حول التنمية التي تمنح المغرب مراكز غير مشرفة، دائما ضمن العشرين بعد المائة.

طالما أن الدبلوماسية المغربية لم تتحرك للرد على وزير الخارجية السابق، مارغايو، فعلى الأقل، تتخلى وأساسا الدولة وإعلامها على إيلاء أهمية لتصريحات النفاق الدبلوماسي.

Sign In

Reset Your Password