يأمل المهاجرون المغاربة في حكومة يسارية في اسبانيا تعمل على تخفيف سياسة الضغط التي تعرضوا لها في مجال الهجرة من الحكومة اليمينية المؤقتة بزعامة ماريانو راخوي. لكن حكومة يسارية في هذا البلد الأوروبي لن تصب في صالح العلاقات بين المغرب واسبانيا.
وتعيش اسبانيا مشهدا سياسيا غير مألوف في الوقت الراهن بعد الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 20 ديسمبر الماضي وخلفت تشثتا سياسيا لم تعهد البلاد من قبل بسبب عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة أو سهولة تشكيل حكومة ائتلاف.
وتوجد اسبانيا أمام سيناريوهين، الأول وهو حكومة أقلية بزعامة الحزب الشعبي وبرئاسة ماريانو راخوي ودعم حزب اسيودادانوس، الأول محافظ والثاني ليبرالي، أو حكومة بزعامة الحزب الاشتراكي برئاسة بيدرو سانتيش بدعم كبير من أحزاب يسارية أخرى ومنها حزب بوديموس. وحظوظ حكومة يسارية أقوى من حكومة يمينية وفق عملية جمع الأصوات، لكن مهما كان لون الحكومة، فستجد صعوبات قوية في تطبيق سياستها والمصادقة على القوانين. ويبقى سيناريو تكرار الانتخابات في مارس المقبل وارد للغاية، لكنه سيعطي النتيجة نفسها، أي عدم قدرة أي حزب على تشكيل الحكومة لوحده.
وتميل آراء الجالية المغربية الى دعم حكومة يسارية بينما هناك من يحبد حكومة يمينية، وهم القلة، إذ جرت العادة في مجموع أوروبا هو ميل المهاجرين المغاربة الى التصويت على الأحزاب اليسارية التي كانت سباقة الى إدمادجهم سياسيا وتفهم مشاكلهم، وإن كانت هذه الميزة لا تحضر بقوة في حالة اسبانيا.
ومن خلال استقراء آراء بعض المهاجرين المغاربة، يؤكد أكثر من واحد لجريدة القدس العربي أن الجالية المغربية في اسبانيا عانت كثيرا من سياسة الحزب الشعبي في مجال الهجرة. ومن أبرز هذه المعاناة، ارتفاع عمليات الطرد الممنهج بشكل لم يسبق في تاريخ الهجرة خلال الثلاثة عقود الأخيرة، الرفع من صعوبة تجديد بطاقة الإقامة مما يؤدي مباشرة الى عمليات الطرد، وكذلك الرفع من المراقبة الأمنية للمهاجرين والحرمان من الرعاية الصحية لغير المقيمين بطريقة غير قانونية أو فقدوا بطاقة الإقامة للأسباب المذكورة.
ومما زاد من استفحال الأمر غياب أي دور حكومي مغربي في التخفيف من هذه المعاناة بل ساهمت الدولة المغربية فيها، حيث لم يسبق للسلطات المغربية الحالية بمختلف مؤسساتها من ملكية الى حكومة فتح ملف معاناة المهاجرين في اسبانيا وخاصة عمليات الطرد.
وعمليا، تتعهد مختلف الأحزاب السياسية في البرلمان الإسباني باستثناء الحزب الشعبي المحافظ بإسقاط قوانين التضييق على الحريات والعمل في المجتمع المدني وكذلك الهجرة التي تبنتها الحكومة المحافظة خلال الأربع سنوات الماضية. وهذا ما يجعل الكثير من المهاجرين يرحبون بحكومة يسارية.
وفي المقابل، لا تصب حكومة يسارية في صالح الدولة المغربية، فوصول اليسار يعني أساسا سياسة غير ودية في قطاعات متعددة ومنها نزاع الصحراء والصادرات الزراعية، وهو ما يقلق الرباط التي تفضل استمرار اللون السياسي الحالي، الحزب الشعبي، ولكن تراهن على برغماتية أي حكمة يسارية مقبلة.
وخلال العقد الأخير، لوحظ فرق بين ميل كل من الحكومة المغربية وجاليتها في أوروبا، وأبرز عنوان في هذا الصدد هو فرنسا. فبينما يفضل المهاجرون رؤساء يساريين، يراهن المغرب على اليمين وخاصة نيكولا ساركوزي الذي تأمل الرباط في عودته.