منذ سنوات وخاصة خلال المدة الأخيرة، يجري الحديث عن احتمال تطور التوتر بين المغرب والجزائر الى مواجهة مسلحة، وتتعزز هذه الأطروحة بسباق التسلح الذي يخوضه البلدان علاوة على عوامل أخرى. لكن المواجهة المسلحة بين البلدين تبقى مستبعدة بل ومستحيلة.
وهناك الكثير من المعطيات والأدلة التي تسعف في استبعاد وقوع حرب بين البلدين مستقبلا وهي:
-على الرغم من اختلاف النظامين، الملكية في المغرب والجمهورية في الجزائر، لا نية لهما في خوض مغامرة عسكرية، فالمشاكل الداخلية التي يعاني منها البلدان لن تجد حلال نهائيا في الحرب، وهما واعيان بهذا. فالواقع يؤكد أن استمرار النظامين غير رهين بالحرب. وفي الوقت ذاته، لا يشكل المغرب خطرا على الجزائر، ولا الجزائر تشكل خطرا على المغرب.
-علاقة بسباق التسلح الذي يخوضه البلدان، فهو يخضع لدوافع داخلية وخارجية كذلك، فالجيشان يعتبران قويين وركيزة أساسية للنظامين علاوة على أنهما يساهمان في الوحدة الوطنية والهيكلة الاقليمية للبلاد. والمؤسسة العسكرية في المغرب وكذلك في الجزائر تبقى فوق الصراعات الترابية والاثنية واللغوية والثقافية، فالقوات المسلحة تعطي للبلدين التناقس والاستمرارية. وعلاقة بالعوامل الخارجية، فتعزيز الترسانة العسكرية يمنح للبلدين فرصة لعب دور هام في الساحة الدولية وعلى المستوى الإفريقي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. ويعتقد المغرب والجزائر أن جيشا متطورا ومتدربا وقادرا على المشاركة في عمليا السلام الدولية وصاحب قدرة على مواجهة مخاطر الإرهاب، يمنحهما مصداقية ويجعل صوت كل واحد منهما مسموعا بين الأمم.
-الدول الصديقة وحلفاء المغرب والجزائر، حيث كل مرة يقتسمان هؤلاء الأصدقاء والحلفاء، وهي الدول الأوروبية والولايات المتحدة لن تسمح بحرب بين البلدين بسبب حساسية المنطقة القريبة من منطقة مضيق جبل طارق وأبواب أوروبا. وفي حالة ما إذا وقعت مواجهة حربية بين البلدين، ستتدخل واشنطن وباريس ومدريد والاتحاد الأوروبي بكل ثقل وقوة لوقف المواجهات.
-ويدرك المغرب والجزائر وكذلك هيئة الأركان في البلدين استحالة فوز أي واحد منهما بالحرب. وستشكل مواجهة حربية بين الطرفين خسارة لا حدود لها في الوسائل والأرواح. ولا يمكن لأي جيش من الطرفين الدخول الى أراضي الآخر والاستمرار، كما لا يمكن لأي واحد منهما القضاء على الترسانة العسكرية للآخر، وستكون نتيجة اي مواجهة عسكرية هي الانهاك المتبادل بدون تحقيق النصر.
-ولا يشكل نزاع الصحراء سببا كافيا للحرب بما في ذلك إذا قررت جبهة البوليساريو العودة الى السلاح. ولا يملك الجيش الصحراوي أي إمكانية للفوز على القوات المسلحة الملكية المغربية. في الوقت ذاته، لن تسمح الجزائر للبوليساريو بشن هجمات مسلحة انطلاقا من أراضيها ضد الجيش المغربي لأن ذلك سيجعلها في موقف حرج للغاية أمام المنتظم الدولي والدول الحليفة. وقد تغمض الجزائر عيونها عن مناوشات مسلحة محدودة للبوليساريو ضد الجيش المغرب ولكن ليس بشكل مستمر.
-والمناوشات التي يمكن أن تقع على الحدود بين البلدين التي ليست مسجلة رسميا ولا مصادق عليها نهائيا، هي فقد عملية شد وجذب بين البلدين. وغياب ترسيم قار للحدود ليس بالمشكل المقتصر فقط على المغرب والجزائر بل يشمل أغلبية الدول الإفريقية والمغاربية.
-وتخضع هيئة الأركان في المغرب واسبانيا للسلطة السياسي. وتتجلى في حالة المغرب في السلطة السياسية للقصر الملكي، فالملك هو القائد الأعلى لهيئة الأركان، بينما في حالة الجزائر تبقى السلطة السياسية غير محددة نسبيا، إذ تتجمع في يد رئاسة البلاد رفقة القيادة العسكرية لتتحرك مثل سلطة ذات قرار سياسي.
-وعكس الفكرة التي تروج لها التنظيمات الوطنية المتطرفة في البلدين وبدعم من بعض وسائل الاعلام الى مستوى العنصرية والكراهية، أغلبية الشعب الجزائري وكذلك المغربي لن يدعمان حربا بين البلدين. فالتاريخ المشترك والثقافة والدين والتمازج الاثني والاجتماعي تبقى سببا كافيا لرفض لأي حرب لن يترتب عنها سوى القتل والدمار.