بدأ حزب التقدم والاشتراكية يستعيد خطاب المعارضة الذي ميزه قبل مشاركته في الحكومة خلال العشرين سنة الأخيرة، وطالب بعدم تبخيس الأحزاب لصالح جهات أخرى، في تلميح للملكية علاوة على تنبيهه للأوضاع المقلقة سياسيا واجتماعيا.
وفي هذا الصدد، وخلال تجمع سياسي لحزبه في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء نهاية الأسبوع، قال الأمين العام للحزب نبيل بن عبد الله آن الآوان لمراجعة ما يحدث في البلاد حتى نعطي ” معنى ” للنفس الديمقراطي الجديد، وحتى يتنفس المغاربة ويشعروا أنهم يعيشون بكرامة وأن هناك شفافية ومحاربة حقيقية للريع والرشوة والفساد وأن المغرب مستمر في مسيرة البناء.
وأبرز في هذا الصدد، بأن المغاربة يحتاجون لجو التعبئة للحظة تولي الملك محمد السادس للحكم، بالقول: “يتعين العودة الى هذا الجو الذي كان فيه المغرب كله ثقة ومشاريع، وكانت فيه الأحزاب موجودة وتقوم فيه بدورها منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي و إدريس جطو وعباس الفلاسي إلى حكومة بنكيران”، قبل أن يستدرك أقصد: “منذ انتخابات 2002 ، لأن قبلها لم تكن لدينا انتخابات نزيهة لأن الخرائط السياسية كانت تصنع”.
وأوضح بنعبد الله أن دفاعه عن الأحزاب لا يعني أنها بريئة لأنها تتحمل جزء من المسؤولية فيما وصل له الفعل السياسي بالمغرب، وفي ابتعاد وعزوف المواطنين عنها، لهذا وجب إعادة الاعتبار والمعنى للسياسة وعن طريق دمقرطتها حتى نعيد للمواطنين الثقة التي يحتاجونها.
وأوضح زعيم حزب “التقدم والاشتراكية”، أن نبرة المعارضة التي يتكلم بها اليوم ليست وليدة اللحظة، أو مرتبطة بخروجه من الحكومة، وإنما تكلم بها وهو ناطق رسمي باسم الحكومة في حكومة جطو، وفي حكومة بنكيران، لأن حزبه عندما يعقد تحالفا فهو يعقده بوفاء ولا يطعن في الدهر، مؤكدا أن خروجه من حكومة سعد العثماني، قبل أسابيع ليس اعتباطيا وإنما جاء بعدما فشلت كل تنبيهات حزبه وشعر أن مواقفه لا تؤخذ بعين الاعتبار، في مواضيع حالة القلق التي يمر منها البلد، وابتعاد أحزاب الحكومة عن مشاكل الناس مما ساهم في ظهور وسطاء جدد غير مرئيين من الممكن أن يقودوا حركات اجتماعية كما حدث في قضية المقاطعة.
وأفاد بنعبد الله أن الحكومة الجديدة بدون رؤية وبدون نفس، وإنها تضم أحزابا متصارعة وتشتغل بمنطق حسابي من أجل تشريعيات 2021، بدليل أنها لم تقدم أي تصريح يوضح توجهاتها رغم أن نصف ولايتها ضاع في البلوكاج والنصف الثاني في التطاحنات بمراقبة أعضائها لبعضهم البعض.
وفي سياق متصل أشار بنعبد الله إلى أن الحرب بين مكونات الأغلبية الحكومية كان من أهم الأسباب التي دفعته للخروج من الحكومة، حيث كان وفيا لتعهداته اتجاه حليفه السابق حزب “العدالة والتنمية”، رغم الضربات التي تلقاها وآخرها ضربة غشت 2018، حيث كانت أغلبية مناضلي الحزب تدعوه إلى قول “كفى”، والخروج من الحكومة، ومع ذلك صمد لأنه كان يشعر أنه يلعب دور “ضمير” الحكومة.
وفي هذا الصدد كشف بنعبد الله أن حزبه سينهج معارضة بناءة ومبادرة تصفق لما هو إيجابي وتنبه لما هو سلبي، داعيا مناضلي حزبه إلى استعادة المبادرة والنزول عند المغاربة للدفاع عن الحريات في معناها الشمولي، وخاصة الحريات الفردية وعلى رأسها الحق في الإجهاض، لأنهم ينتمون لفكر اليسار والتقدم والحريّة والاشتراكية، ولحزب عمره أزيد من 75 سنة قضاها في الدفاع عن المؤسسات الديمقراطية وعن الشفافية ومحاربة الريع. وجعل معركته هي “العدالة الاجتماعية”.
ووجه انتقادات الى الاعلام العمومي الذي تقف وراءه الدولة لأنه يروج لفكرة مفادها هزالة الأحزاب وعدم تحملها المسؤولية بينما تنسب كل ما هو إيجابي الى جهات أخرى، وذلك في تلميح الى المؤسسة الملكية.
وعمليا، عادة ما ينتقد الاعلام العمومي الأحزاب السياسية ويمجد الملكية، وهي استراتيجية تضاعفت منذ أكثر من عقد، علما أن الخطاب الرسمي يقول أن الحكومة تعمل وفق توجيهات الملك محمد السادس.