كما كان منتظرا، صادق البرلمان الأوروبي على تقرير سلبي للغاية لمصالح المغرب باعتباره الصحراء أراض يجب أن تخضع “لتقرير المصير” ومطالبة الرباط بالإفراج عن معتقلي أكديم إيزيك والتنصيص على مراقبة الأمم المتحدة عبر المينورسو لحقوق الإنسان في الصحراء. والتقرير يحمل دلالات خطيرة من مؤشراتها تأثير الصحراء المتصاعد على الاتفاقيات المغربية-الأوروبية. وفي الوقت ذاته، يؤكد ضعف الحضور المغربي في صناعة القرار الأوروبي رغم اتفاقية الشراكة المتقدمة.
وصادق البرلمان على التقرير أمس الثلاثاء بعدما كانت قد صادقت عليه لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان في نهاية الشهر الماضي. والتقرير أنجزه البريطاني تشارلز تانوك حول الوضع الحقوقي في الصحراء ومنطقة الساحل.
ورغم التعديلات التي أدخلت عليه، تبرز وكالة أوروبا برس أن التقرير يشجب تصرفات المغرب على مستويات متعددة منها، ما يعتبره اعتداء على النساء في الصحراء، الاعتداء على بعض الشباب ورميهم في مناطق خالية من الصحراء، المحاكمات التي اعتبرها غير عادلة ضد نشطاء المجتمع السياسي والمدني في الصحراء. كما يبرز ما يعتبره المقع المسلط على الصحراويين الذين يتظاهرون ويمارسون حقهم في التعبير عن آرائهم.
ودائما في إطار الشجب، التقرير يؤكد على ضرورة الإفراج عن معتقلي مخيم أكديم أزيك الذين صدرت في حقهم أحكاما هذه السنة بتهمة قتل أفراد من قوات الأمن في أحداث المخيم الشهر في نوفمبر 2010.
ويطالب النواب من الأمم المتحدة تعزيز مهام المينورسو “لإدماج البعد الحقوقي في مهام هذه القوات أو إنشاء آليات جديدة لحقوق الإنسان تسهر باستمرار وتراقب الوضع في الصحراء وتحقق في الشكايات الفردية”. ويبرز التقرير أن هذا يجب أن يشمل منطقة الصحراء المغربية ومخيمات تندوف. كما يطالب الأمم المتحدة بضرورة
وفي الجانب الذي يمن اعتباره إيجابيا نوعا ما للمغرب في التقرير هو الترحيب بالبنيات التحيتة التي أقامها في الصحراء، والترحيب بتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان لوضع حد للمحاكمات العسكرية التي تعرض لها معتقلو أكديم إيزيك والتحذير من مخاطر التطرف في مخيمات تندوف. وكذلك التركيز على حل متفق عليه رغم التشديد على تقرير المصير.
الانعكاسات على المغرب
يأتي التقرير الجديد ليبرز الدور المتنامي لملف حقوق الإنسان في الصحراء وأنه أصبح، ومنذ سنوات، عنصرا هاما في المواجهة السياسية بين المغرب وجبهة البوليساريو، ويبرز في الوقت ذاته، فشل المغرب في احتواء هذا العنصر والتعاطي معه.
وحول عنصر آخر، يؤكد التقرير على الثروات الطبيعية في المنطقة وعدم اعتبارها في ملكية المغرب، ولهذا يتخذ البرلمان الأوروبي مواقف غير ودية مثل إلغاء في ديسمبر 2011 لاتفاقية الصيد لابحري، وفرض المفوضية الأوروبية شروطا تمس بالسيادة المغربية في الاتفاقية الذي ستعرض على البرلمان الأوروبي خلال الشهر المقبل.
ضعف دبلوماسية المغرب
مصادقة البرلمان الأوروبي على تقرير سلبي للمصالح المغربية يأتي ليلقي الضوء مجددا على هزالة الدبلوماسية المغربية ومدى افتقارها لما يسمى الدبلوماسية الاستباقية التي تعمل على احتواء أي تهديد للمصالح.
ويكشف التقرير غياب معرفة دقيقة بكبيفة تحرك القوى السياسية في البرلمان الأوروبي بما فيها تلك التي يعتبرها المغرب حليفة له مثل الحزب الشعبي الأوروبي المحافظ وبعض الاشتراكيين.
يؤكد تراجع جودة العلاقات المغربية-الأوروبية رغم التوقيع على اتفاقية الشراكة المتقدمة، حيث أصبح الاتحاد الأوروبي سواء على مستوى المفوضية أو البرلمان مصدر مشاكل حقيقية خاصة في نزاع الصحراء.