أبدى قياديون اقتصاديون في المغرب مخاوف من تدهور محتمل للأوضاع في أكثر من بلد في الشرق الأوسط في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، ما قد يدفع بالأسعار الدولية إلى مزيد من الارتفاع، وبالتالي تأزيم الوضعية الاقتصادية المغربية المتضررة أصلاً من الأزمة الأوروبية وتراجع الإيرادات الخارجية. جاء ذلك بعدما دانت الخارجية المغربية مجزرة الغوطة الشرقية في سورية وحمّلت نظام دمشق المسؤولية الكاملة عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه والعواقب المترتبة عنها.
وكانت أسعار النفط ارتفعت نحو سبعة دولارات لبرميل «برنت» المرجعي منذ وقوع الهجوم بالأسلحة الكيماوية في 21 آب (أغسطس) واتهام الغرب للنظام السوري بتنفيذه ثم تهديده بضربة عسكرية. وتزيد أسعار النفط حالياً نحو 15 دولاراً للبرميل عن سعرها المحدد في موازنة 2013 والبالغ 100 دولار.
وتوقعت مصادر أن يخسر الاقتصاد المغربي نحو نقطة مئوية من النمو إذا واصلت أسعار النفط ارتفاعها، وقد تكون الحكومة مجبرة على تمويل فارق العجز عبر الاستدانة الداخلية لتمويل نفقات صندوق المقاصة الذي تجاوزت كلفته خمسة بلايين دولار. ولا تستطيع الحكومة زيادة أسعار المحروقات في هذه المرحلة الحرجة وسط تزايد المنتقدين لها والمهددين بإسقاطها.
وتعتقد المصادر أن أسعار الطاقة والشحن البحري قد ترتفع إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 ما يعني اقتراب أسعار النفط من 150 دولاراً للبرميل، ويتوقف الأمر على حجم الضربات العسكرية التي ستستخدمها واشنطن وباريس ضد قوات الأسد ونوعية الأهداف والامتدادات الإقليمية للنزاع.
واعتبرت المصادر أن الأزمات المتتالية في الشرق الأوسط، وفشل برامج الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في بعض دول «الربيع العربي»، قد يدفع دول المنطقة إلى تقليص معدلات النمو، خصوصاً لدى الدول المستوردة للطاقة مثل المغرب.
وكانت مؤسسات التمويل الدولية راجعت معدلات النمو في دول المنطقة نزولاً بسبب الأوضاع الأمنية في مصر وتونس وليبيا. وتبدو الحكومة نصف الإسلامية في المغرب غير مرتاحة إلى الأوضاع الإقليمية، على رغم تأييدها الضربة العسكرية المتوقعة ضد سورية.
فمن جهة لم يحقق رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران نجاحاً كبيراً بضم حزب التجمع الوطني للأحرار إلى حكومته التي فقدت غالبيتها بعد انسحاب حزب الاستقلال، ومن جهة ثانية ستُعقّد الأوضاع العسكرية الإقليمية جهود الإصلاح الاقتصادي وترفع العجز المالي إلى نحو ثمانية في المئة من النمو، بارتفاع واردات الطاقة وكلفة دعم الأسعار، ومنها المحروقات التي تستنزف نحو 20 في المئة من الواردات.
وتكلف واردات الطاقة في المتوسط نحو 12 بليون دولار سنوياً، وفي حال ارتفاعها قد تخسر الخزينة قرابة بليون دولار في الربع الأخير من العام، وهي مبالغ سيجري تعويضها بالاقتراض من سوق المال المحلية، ما قد يزيد من شح السيولة المصرفية ومصادر التمويل.