افتتاحية: نذالة وجبن الحكام العرب/حالة خاشقجي

الجلاد محمد بن سلمان والضحية الصحفي جمال خاشقجي

كشفت قضية الاغتيال البشع الذي تعرض له الصحفي جمال خاشقجي عن مستوى مرعب من النذالة والجبن يعتري الأنظمة العربية الدكتاتورية عندما يضعها المنتظم الدولي أمام واقع أمر أفعالها المشينة.

وتعرض خاشقجي لعملية اغتيال وحشية في القنصلية السعودية في اسطنول يوم 2 أكتوبر الجاري، ونهجت العربية السعودية النفي المطلق، وقال ولي العهد محمد بن سلمان بمغادرة الصحفي مقر البعثة الدبلوماسية بعدما أنهى الإجراءات الإدارية التي جاء بسببها.

وتضاعف النفي مع مرور الأيام، وشنت وسائل الاعلام السعودية وتلك المتملقة للرياض حملة ضد كل من شكك في الرواية السعودية وكأنه تشكيك في العقيدة الإسلامية. وبادرت الدولة السعودية الى اعتبار ما تتعرض له من ضغط من طرف القوى الغربية بمثابة حملة صليبية ضدها.

وفي توظيف بشع للدين الإسلامي مثل بشاعة جريمة مقتل خاشقجي، لم يتردد إمام وخطيب المسجد الحرام عبد الرحمان سديس في وصف الضغوطات الدولية على السعودية من أجل معرفة مصير خاشقجي بالحملة الماكرة ووصفها بالاعتداء “للنيل من المملكة استفزاز لمشاعر أكثر من مليار مسلم هي قبلتهم ومحل مناسكهم ومهد رسالتهم ومهوى أفئدته”. والمفارقة في الأمر هو تنديد أغلبية المسلمين بسياسة آل سعود باستثناء وقوف شرذمة من الدكتاتوريين العرب الذين أصدروا بيانات تؤيد السعودية مثل الإمارات العربية والبحرين.

لقد كانت القيادة السعودية وعلى رأسها ولي العهد محمد بن سلمان يعربد مثل الفتوة في العلاقات الخارجية، ونهج منهج البلطجية والادعاء بالقوة، واعتقل من اعتقل وقتل من قتل ومن فر بجلده يعيش المنفى ولحقه منشار الأمير مثل حالة خاشقجي. ولكن ما أن وضع الغرب وخاصة الولايات المتحدة السعودية أمام أمر الواقع في عملية اغتيال خاشقجي، حتى تلاشت البطولة وحل محلها الجبن والكذب والبحث عن سيناريوهات الافلات من العقاب,

ويتجلى جبن ونذالة ولي العهد السعودي في نفي اغتيال خاشقجي رغم أنه العقل المدبر للجريمة وفق الاستخبارات الأمريكية وعدد من قادة الغرب الذين لا يصدقون الرواية السعودية. وبعدما بدأ الخناق يضيق عليه، يجري الاعتراف بالجريمة ولكن نسبها الى مساعدين يأتمرون بأوامره للتضحية بهم والفرار بجلده، يحدث هذا بدل أن يتحلى الأمير المنشار بالشجاعة ويتحمل المسؤولية السياسية والجنائية.

ولي العهد هو نموذج الحاكم العربي الذي يسرق ويختلس وينهب ويقتل كل صوت شريف في الشعب، ويفعل هذا تحت مبرر الدفاع عن الوطن، وهو الحاكم الذي يبيع شعبه وممتلكاته للدول الكبرى، وعندما يقترب من عنقه الحبل يصبح ذلك الغرب الذي يخفي فيه الأموال، ذلك الغرب الذي يقتني منه السلاح لقمع شعبه، يصبح عدوا.

تصرف ولي العهد السعودي في ملف خاشقجي  أكدت مجددا مدى نذالة وجبن بعض الحكام العرب عندما يصبحون أمام أمر واقع أفعالهم المشينة.

Sign In

Reset Your Password