تخلف الأحكام الجائرة التي صدرت في حق شباب الحراك في الريف تظاهرات في مدن أوروبا وداخل المغرب، لكن المثير هو موقف الدولة المغربية التي ترخص للتظاهرات في مدن مثل الرباط وتمنعها في شمال البلاد، مما يطرح تساؤلات عميقة ومقلقة حول الجهة التي تتخذ مثل هذه القرارات.
ومنذ صدور الأحكام الجائرة في حق عشرات من نشطاء الريف بعقوبات بلغت عشرين سنة مثل حالات الزفزافي وأحمجيق وإيغيد والبوستاتي، توجد هزة وسط المجتمع المغربي للتنديد بهذه الأحكام التي يوجد شبه إجماع عليها أنها قاسية وجائرة في حق شباب طالب بالتعليم والعمل والصحة.
ومن ضمن مظاهر التعبير عن الرفض للأحكام، الى جانب التتديد في شبكات التواصل الاجتماعي، خرج مئات من الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني في مخلتف المدن للتنديد بهذه الأحكام في داخل المغرب وخارجه. في هذا الصدد، خرجت تظاهرات في الدار البيضاء والرباط وأكادير ومراكش ضمن أخرى، كما شهدت مدن أوروبية كبرى مثل مدريد وباريس وبرشلونة وأمستردام وبروكسيل تظاهرات مماثلة قام بها أفراد الجالية المغربية.
لكن المثير للتساؤل، هو إصرار الدولة المغربية على منع التظاهر في مدن شمال المغرب مثل تطوان وطنجة والعرائش ومدن صغيرة مثل مرتيل والفنيدق والمضيق علاوة على مدن الريف مثل الناضور والحسيمة. وهذا يجر الى تساؤل عريض: لماذا هذا المنع الذي يستهدف رقعة جغرافية واحدة من الوطن دون غيرها. وعلاوة على هذا، لم تكتف الدولة بالمنع بل تعدته الى تنفيذ أكثر من 30 اعتقالا في حق شباب من الحسيمة والنواحي، وفق معطيات نشرتها جمعيات والصحافة المغربية.
لقد شهدت مدن شمال البلاد تظاهرات عديدة سواء حول الريف أو قضايا وطنية أو دولية. وكانت دائما تجري في إطار من الهدوء واحترام القوانين. وعليه، فمن هي الجهة وسط الدولة التي تقف وراء محاولة تمييز منطقة من البلاد بالمنع؟
قد تكون جهة أو جهات أو قرارا فرديا لعبقري زمانه. لكن هذا المنع التمييزي تتحمله الدولة المغربية لأن القرارات والتصرفات والإجراءت تمثل الدولة. رغم المنع، لا تستطيع الدولة إخفاء مظاهر التعاطف والتضامن مع شباب الريف الذي طالب بالصحة والتعليم والشغل ووجد نفسه أمام اتهامات خطيرة مثل الانفصال. لكن المنع من التظاهر يعتبر إجراء مرفوضا لأنه يقوم على رؤية خطيرة للغاية تحاول التمييز بين جهات البلاد، دون أن تدرك خطورة الفعل.